كل شيء متوفر ، وهناك غياب للضمير
الأزمة انصرفت عنا والحمد لله . قابلناها بالصبر، ومددنا ألسنتنا لمن تسببوا فيها . وقف الناس في صفوف طويلة لينالوا الوقود والخبز وغاز الطبخ ، ووقفوا في شوارع مدننا ينتظرون أن يظفروا بمقعد في المواصلات . وتحملنا قطوعات الكهرباء لساعات طوال ، وأحيانا لأكثر من مرة في اليوم .
الأمور الآن تتحسن كثيرا ، وهذا التحسن لا يمكن أن يعدّه الناس صدفة، إنه عمل كبير وعظيم وشاق ، بذلته سلطاتنا الانتقالية ، فقطفنا ثمرة جهدنا ، واستعدنا الثقة في ثورتنا .
تابعت الأزمة بكل تفاصيلها ، واستمعت لحوارات عميقة وعديدة حولها ، فلم أجد أبدا من يتهم الحكومة بالفساد. بل الناس يعذرون الحكومة لأنهم يعلمون أنها تدير مرحلة صعبة بإمكانيات ضعيفة . وكلنا لاحظنا أن الناس صبوا جام غضبهم على التركة ، وأهلها من الثورة المضادة ، والدولة العميقة .
لكن على المستوى الشخصي فإن أكثر ما يزعجني ويؤرقني هو استمرار البعض في شيطنة الأمور ، والعبث بقوت الشعب ، والحرص على استثمار الأزمات لتحقيق مكاسب غير مشروعة . الثورة ساعية للتغيير ، لكن هناك من يعاند التغيير ولا يرى إلا مصلحته الخاصة جدا . ولمحاربة غياب الضمير لابد أن نتحصن ونتسلح بالوعي ، فما يزال هناك بعض الذين يريدون نقل كل احتياجاتنا للسوق الأسود ويفتعلون الأزمات.
لنعلم جميعا أن كل شئ متوفر ، وليس هناك نقص في خبز أو وقود أو غيره . نحن فقط نواجه حربا شرسة في مواجهة مخلفات العهد البائد ، وعلينا أن لا نغمض طرفنا عن هذه الحرب . إن الشيطان كان لكم عدو فاتخذوه عدوا . وعلى حكومة الثورة أن تضرب كل الذين يحتالون على الشعب ويتآمرون ليتمكنوا من تعطيل الحياة وتعويق مسيرتها . وعلى الشعب ان يفضح كل متلاعب بمقدراته، متآمر على سلامة المجتمع ، خاذل لمسيرة الثورة .
