رغم أن فيروس كورونا المستجد “كوفيد ـ19” ظهر في مدينة ووهان الصينية، ورغم اعتقاد الكثيرين حول العالم أنه فيروس لا يصيب إلا الصينيين، نتيجة العادات الغذائية، إلا أنه ينتشر منذ بداية شهر مارس الجاري في مختلف دول العالم، مهددًا بإبادة الملايين من البشرية.
في الوقت نفسه استطاعت الصين التغلب على الفيروس، وانخفضت أعداد الإصابة بشكل كبير، ووصل إلى حد أنها لم تسجل أية إصابات جديدة خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية.
وأعلنت اللجنة الوطنية للصحة في الصين، اليوم الخميس، عدم تسجيل أية حالات إصابة جديدة داخل الصين بفيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) للمرة الأولى منذ تفشي الفيروس، وأن التقارير التي تلقتها كانت حول 8 وفيات و34 حالة إصابة لوافدين من الخارج.
توفير كل سبل الحياة
لكن كيف انتصرت الصين على كورونا؟.. هذا ما يكشفه نائب رئيس القسم العربي في وكالة الأنباء الصينية “شنخوا”، محمد مازن، الذي يقيم في مدينة بكين منذ عشر سنوات، ورفض العودة إلى موطنه مصر في بداية الأزمة. وقال لـ”إيلاف”، إن فيروس كورونا، الذي يثير الذعر في العالم كله، استطاعت الصين الانتصار عليه، مشيرًا إلى أنه كان على ثقة من أن حكومة وشعب الصين سوف ينتصرون على الفيروس، وراهن على ذلك، ورفض العودة إلى بلاده، وقد كسب الرهان.
أضاف الحكومة الصين جندت كل إمكانياتها من أجل الحرب ضد كورونا، وتعاملت بحزم من جميع المسؤولين، مشيرًا إلى أن الصين عزلت الناس في منازلهم، ووفرت لهم كل سبل الحياة، حتى لا يضطروا للنزول إلى الشوارع.
ولفت إلى أن الشوارع كانت تبدو شبة خالية، ومعظم المراكز التجارية مغلقة، والأماكن الترفيهية موصدة، مشيرًا إلى أن الحكومة في الصين أصدرت نشرة صحية لجميع المواطنين الصينيين والمغتربين توصي بضرورة أن يلتزموا المنزل، وطالبت المؤسسات والشركات الموظفين بأن يعملوا من بيوتهم، لأن التزام المنزل جزء مهم جدًا من خطة الانتصار في المعركة ضد كورونا.
الاستعانة بطائرات بلا طيار
وأوضح أن الفرق الطبية انتشرت في الخطوط الأمامية، وأمّنت الفرق الحكومية الإمدادات الطبية اللازمة، منوهًا بأن الناس في الصين لم يكونوا يخرجوا هنا إلا لشراء المستلزمات الضرورية، والمواد الغذائية متوافرة، والمواد الطبية الوقائية والأدوية متاحة طوال الوقت.
أفاد بأن الفرق الطبية تقف على أبواب المجمعات السكنية تقيس درجة حرارة القاطنين، وأخرى شعبية من المتطوعين تفحص هوية الغرباء وتقدم التوصيات، إضافة إلى فرق تطوف على الشقق وتقدم تعليمات وتعطي أرقام الطوارئ في حال شعر أحد بشيء غير عادي، وأخرى تؤكد على الالتزام بإجراءات الوقاية من المرض، وارتداء الأقنعة، وغسل اليدين بعد العودة، وشرب الماء بانتظام، وغيرها، لزوم الوقاية.
وأشار إلى أن الصين استخدمت طائرات بدون طيار مزدوّدة بكاميرا لمسح الشوارع، وتنبيه الناس الذين نسوا ارتداء الكمامات، أو مطالبة كبار السن بالتوقف عن لعب الدومينو أو ورق اللعب في الشوارع، والعودة إلى المنازل، منوهًا بأن هذه الطائرات تنقل الصور عن حالة الشوارع إلى غرف مراقبة، وبناء عليها يصدر رجال الشرطة من أماكنهم المغلقة التعليمات.
مؤامرة ضد الصين
وكشف أن المدارس والجامعات تجري مسوحًا على الطلاب مرتين يوميًا عبر تطبيق “وي تشات”، وتنقل لهم التوجيهات والتعليمات، وتسأل إذا ما إذا كانت هناك تطورات، أو خطط للسفر، أو إذا ما كان أفراد من الأسرة أو الأصدقاء حتى أصيبوا.
وقال إن الصين عزلت حوالى 56 مليونًا، وأنشأت مستشفيين سعة 2300 سرير في وقت قياسي في ووهان، إحداهما في 6 أيام لمواجهة الحالات المتزايدة، وتخطط للمزيد.
وألمح مازن إلى وجود مؤامرة ضد الصين. وقال إنه عندما تفشى فيروس إنفلونزا إتش1 إن1 (الخنازير) في الولايات المتحدة وضرب العالم، تسبب في وفاة حوالى 284 ألف شخص، ومع ذلك، لم تواجه الولايات المتحدة مثلما واجهت الصين من انتقادات وإساءات. لم يتعرّض شعبها للسخرية ولم تلام ثقافة طهيها.
تنمر وسخرية
ولفت إلى أن الصينيين انتصروا على كورونا في ظل شعورهم بالأسى من الإساءات والسخرية والتنمر عليهم من مختلف أنحاء العالم، وشعروا بالأسى، بسبب إصرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب على وصف كورونا بـ”الفيروس الصيني”، وكذلك بسبب ما كتبته صحيفة دير شبيغل الألمانية بأن” الفيروس صنع في الصين”، وما قاله وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، بأن الحزب الشيوعي الصيني يمثل “أكبر تهديد للعالم”، وما قاله وزير التجارة في حكومته نفسها ويلبور روس بأن “الفيروس سيعزز الوظائف في الولايات المتحدة”، مشيرًا إلى أن كل من سخر من الصينيين أو أساء إليهم يعاني من الفيروس، لأنهم لم يتعاملوا من الأمر بالجدية اللازمة، كما فعلت الصين.
وكشف أن مصر الدولة الوحيدة التي دعمت الصين في أزمتها، عبر زيارة وزيرة الصحة المصرية هالة زايد، مشيرا إلى أن الحكومة والشعب في الصين شعروا بالكثير من الامتنان للمصريين، وقدموا هدايا للمصر أيضًا، تتمثل في بيانات ووثائق خاصة، تكشف مراحل تطور الفيروس وطرق السيطرة عليه، والأبحاث التي تجريها الصين من أجل إيجاد مصل يقي منه وأدوية تعالجه.
وأشار إلى أن الحكومة الصينية أهدت مصر ألف جهاز حديث ومتطور للكشف عن فيروس كورونا، إضافة إلى تقديم الصين عرضًا، لتدريب الأطباء والفرق الطبية المصرية على اكتشاف الفيروس وطرق التعامل مع المصابين والحجر الصحي، وغيرها من الطرق الحديثة للوقاية من الفيروس ومحاصرته.
ولفت إلى أن بكين أشادت بالإجراءات التي اتخذتها مصر في مواجهة الفيروس، وخطط لمواجهته، مشيرًا إلى أن الصين دعت الحكومة المصرية إلى إطلاق حملات توعية شعبية، لدعم الثقة في الحكومة وإجراءاتها، والتوعية بالفيروس وطرق انتشاره.
وكشف أن وفدًا طبيًا صينيًا سوف يزور مصر، لمساعدتها على التغلب على الفيروس، يتولى تدريب الأطباء المصريين، وينقلهم إليهم خبرة الصين في الحرب ضد كورونا.
المصدر: إيلاف