*لقد عودتكم في مثل هذا اليوم أعزائي القراء على الاحتفال معكم بعيد الأم التي أخبرنا رسول الرحمة أن الجنة تحت أقدامها، وهي الأقرب لنا منذ لحظات الخلق الأولى إلى أن نخرج من رحمها، وتبقى الصلة الحميمة في كل مراحل نمونا.
*لا أفعل ذلك من باب التقليد الأعمى، فالأمهات لسن في حاجة إلى يوم نحتفل فيه بعيدهن؛ لأنهن محل محبتنا وتقديرنا كل يوم وفي كل نفس في حياتنا، مهما فعلنا لهن لن نستطيع الوفاء ببعض ما قدمنه لنا.
*اسمحوا لي أن أخص كلام اليوم للراحلة المقيمة الأم التي صبرت علينا ونحن صغار، وتحملت حماقاتنا، ونحن كبار، واحتملت كل صنوف مشقة الحياة والتنقل من عطبرهة إلى بورتسودان، قبل أن نستقر في حلفاية الملوك.
*لم نسمعها تشتكي وتتبرم مهما ضاق بها الحال ومهما قست عليها الظروف، فكسبت محبة الجميع وثقتهم وتقديرهم .. كانت حمامة سلام أينما حلت، لم تمس أحداً بسوء فسلمت من كل سوء، إلى أن انتقلت إلى الرحمن الرحيم راضية مرضي عنها.
*بعدت المسافات المكانية، وطال أمد الفراق زمانياً، لكنني على يقين أن روحها مازالت تظلل حياة أولادها وبناتها وأحفادها وحفيداتها، وسائر ذريتها الممتدة بحمد الله، وفضله في كثير من بقاع العالم.
*كانت نعم الأم والزوجة الصالحة المطيعة المؤمنة الصابرة حتى عندما تحدث خلافات كما يجري عادة في كل الأسر، كانت لا تفقد الأمل في عودة المياه إلى مجاريها؛ لذلك بحمد الله وتوفيقه لم تنقطع المياة عن مجاريها إلى أن انتقلت إلى رحمة الله، فلم يحتمل الوالد مدني أبو الحسن عليه رحمة الله فراقها، ووافاه الأجل، فانتقل إلى رحمة الله ودفن جوارها بحلفاية الملوك.
*ليس هدفي من الاحتفال بالأم الحنون سنية حسن محمد الوقوف عند ذكراها العطرة، وإنما قصدت التذكير بهذه الخصال التي كانت تميز “أمهاتنا”، عسى أن تسترشد بها الأجيال الحالية والصاعدة من الأمهات في مقبل حياتهن الأسرية.
* رحم الله أمي وكل الأمهات اللاتي انتقلن إلى رحاب الرحمن الرحيم، وبارك الله في الأمهات الأحياء، ومشروعات الأمهات، وسدد على طريق السكن والمودة والرحمة خطاهن.
*لا يكفي في مثل هذا اليوم بل – وفي كل يوم – الدعاء لهن أو تقديم الهدايا والاحتفاء بهن‘ وإنما لابد من تعزيز أواصر المحبة لهن ولكل من حولنا حتى يعم السلام على الأرض والمحبة وسط الناس.