تقدمت الدكتورة مريم الصادق المهدي بإستقالتها من الآلية العليا لمعالجة الأزمة الاقتصادية ، واعلنت ان الالية تعاني من حالة موات ، حيث قالت (الآن وبعد مضي عشرة أيام وسط صمت غريب من الأطراف الثلاث تعيش اللجنة حالة موات ولا تستطيع تقديم شئ مع غياب منهجية واضحة للعمل في دولاب الدولة وغياب روح الفريق، وضعف القدرة على الثبات على القرارات المتخذة كلها عوامل تغذي و تقوي بعضها البعض و تجعل من الوضع الراهن المفهوم و الممكن الحل؛ وضعًا كارثيًا خطيرًا) . وقالت (في اجتماع ثلاثي انعقد يوم 10 مارس ابلغنا بواسطة السيد رئيس مجلس السيادة بتحويل رئاسة الآلية لرئيس مجلس الوزراء، و لم تعقد الآلية اجتماعا او تصدر قرارا منذ ذلك الوقت)
الالية تم تشكيلها في الاجتماع المشترك بين مراكز السلطة الثلاث ، مجلس السيادة ، مجلس الوزراء ، وقوى الحرية و التغيير ، واسندت رئاستها إلى عضو مجلس السيادة حميدتي ، وأثار هذا التكليف ضجة وخرجت لجان مقاومة في مواكب رافضة له ، وسودت صحف كثيرة رفضا لهذا التعيين ، وهو ما دفع رئيس الآلية إلى الاستقالة ، وتم تحويل رئاستها لرئيس الوزراء.
مجمل الأحداث حول الآلية تشير إلى أن هناك جهات تتعامل بحماقة مع أوضاع البلاد وتستخدم عاطفة الجماهير بسبب وبدون سبب للتشفي من بعض قيادات المجلس السيادي ، وهو أسلوب لا يبشر بالخير، ولا يساعد الفترة الانتقالية على الهدوء والاستقرار ، ولا يدعمها في تحقيق أهدافها ، وهاهو يفشل عمل اللجنة العليا المكلفة بملف خطير يواجه البلاد.
نعم دول العالم الآن كل في شأن يغنيه بسبب كورونا ، وليس هناك دولة جاهزة لمساعدة أخرى في قضايا اقتصادية ، ولكن الآلية العليا يمكنها أن تجتمع على الأقل لتنظيم خططها ولتنفيذ ما يمكن تنفيذه . بلادنا تعاني من أزمة اقتصادية وأزمة أخرى في مواجهة كورونا ، وكلها أسباب تجعل الآلية تجتمع بصورة دورية لتوفير ما تستطيع ولتقديم ما يمكن من آليات واساليب تدعم الميزانية ، وهو ما يؤكد أن عدم اجتماعها هو أمر مستغرب ، ويحتاج لاجابات عاجلة من رئيسها ، حتى إذا كانت الالية بلا قيمة ، فليحلها بدل أن يظن الناس ان هناك آلية تعمل الآن كخلية النحل لحل الأزمة.
وزير المالية الدكتور ابراهيم البدوي قال في نوفمبر أن البلاد تحتاج إلى خمسة مليار دولار دعما للميزانية لتفادي الانهيار الاقتصادي ، الآن ومع ظهور كورونا فإن البلاد تحتاج لأكثر من هذا الرقم ، فكيف تموت الآلية في هذا الوقت !!
( الحلاقيم ) الطويلة لبعض أحزاب الحرية والتغيير وتياراتها ، التي توزع الاتهامات على الأشخاص والدول بلا أي دليل وبلا أدنى دبلوماسية ، ناسية انها لم تعد أحزاب معارضة بل أحزاب حاكمة ، عليها أن تسكت الآن، عليها أن تخيط فمها الذي لا يكف عن الجعجعة الفارغة ، وأن تنزل للميدان ، وأن تتبرع من نفسها ومن أعضائها للآلية وللجان محاربة كورونا ، بدل أن تكون خصما على كل جهد لتوفير الأموال .
لا نريد مزيدا من الحرائق الدبلوماسية التي تسببها التصريحات الخرقاء ، لا نريد مزيدا من الصراع بين السلطات الثلاث ، بلادنا ( الفيها مكفيها ) ، يجب التوحد والعمل معا كسودانيين في هذا الظرف الحرج من أجل مواجهة واقعنا الاقتصادي والصحي المزري ، لجنة إزالة التمكين عليها ان توفر كل الاموال التي وضعت يدها عليها من اموال الكيزان ، المغتربين ، المواطنين ، الأحزاب السياسية الجميع عليهم الانضمام لحملات محاربة كورونا ودعم البلاد .
الدكتورة مريم المهدي نتمنى أن تعدل عن استقالتها وان تواصل إصلاح الحال من الداخل ما أمكن، فالوضع مازال هشا ومؤلما ولا يتحمل المزيد من خيبة الأمل في الأجهزة الحكومية وفي الآليات التي يفترض ان تعالج مشاكل الناس لا ان تزيد همهم وإحباطهم ، الأزمة الاقتصادية الراهنة عميقة ، ليست سطحية ، أسبابها مركبة ، ومعالجتها بين ليلة وضحاها أشبه بالمستحيل ، ولكن الشعوب اذا اتحدت قادرة على تحقيق المستحيل .
sondy25@gmail.com