تناول كثير من النشطاء يوم امس حديث الفريق صلاح عبد الخالق .. نعم هو حديث غير مسؤول لا يصدر إلا من شخص مريض نفسياً، ولكن لا تلوموه، ومثل هذه الكلمات الفجة ليست جديدة عليه، فقد قال أسوأ من ذلك بكثير عندما كان عضوا في المجلس العسكري.. مشكلتنا اننا نعاني من داء النسيان .
اللوم أصلاً على صحيفة الهندي عزالدين التي اجرت معه اللقاء .. الصحيفة تعلم جيداً إنه سيقول ذلك، واسوأ منه، وذهبت إليه؛ لأن الصحيفة تريد منه أن يقول ما قاله، وكانت تتمنى أن يقول الأسوأ .
هي واحدة (أعنى الصحيفة) من أدوات تكسير الفترة الانتقالية ، ووضع المتاريس أمامها، وفيصل محمد صالح يصرّ على أن ذلك يصب في خانة حرية الصحافة والنشر !!
ولكنها هي الفوضى بعينها .. هذه الفوضى ( والخرمجة) التي نعاني منها في كل مفاصل الدولة .
اذا لم تكن فوضى بالله، بماذا تسمون ما جرى أمس في تشييع فقيد البلاد الفريق جمال عليه الرحمة .
دولة تصدر قوانين وتشريعات لمنع التجمعات، ثم تقوم هي نفسها بخرق القوانين التي وضعتها.
كل رجال الجيش ابتداءً من برهان وكل الحكومة التنفيذية ابتداءً من حمدوك ( لم الاحظ وجود دكتور اكرم) وقادة قوى الحرية والتغيير يتجمعون في مكان واحد، وفي لحظة واحدة ضاربين عرض الحائط بالاحتياطات الواجب مراعاتها لمواجه جائحة كورونا.
هب ان أحد الحضور (لا قدر الله) كان مصاباً .. هذا يعني أن يتم اجراء الحظر الطبي على كل الحكومة بعسكرييها ومدنييها ببرهانها وحمدوكها وتصبح الدولة بلا حكومة .
هل هناك فوضى أكثر من هذا في اي دولة في العالم؟!
كثير من المواقع العالمية تناولت هذا الحدث باستغراب ودهشة، وبعضهم غير مصدق لما يراه. ولكنه السودان وشعب السودان وحكومة السودان .هو مشهد من مسرح اللامعقول في هذا الوطن.
مشهد آخر أيضاً من مسرح اللامعقول هو الإضراب الذي دعت إليه رئيسة القضاء لكل قضاة السودان، ابتداءً من اليوم، وذلك بسبب الاعتداء على أحد القضاء من شخص أو شخصين من القوات النظامية لخلافات شخصية حدثت بينهم في محطة من محطات البنزين!
كل الذي استطاعت ان تفعله رئيسة القضاء لكي تنتصر في صراعها أن تعلن الاإضراب، الذي سيتضرر من هذا الإضراب هو الشعب، وليس الجهة التي تتصارعين معها.
لا أود الخوض كثيراً في شؤون القضاء؛ لأن حال القضاء أصلاً لا يسر، ولكني كنت أعتقد اأن رئيسة القضاء لديها من السلطات ما يكفيها من الدخول في هكذا صراعات، واإذا كانت لا تملك أو تملك ولا تستطيع أن تطبق، عليها أن تترك منصبها لمن هو أجدر منها . الشعب السوداني كله لم يشعر ولو للحظة أن القضاء السوداني حدث فيه أي نوع من التغيير .
شعار الثورة .. حرية ..سلام ..عدالة، حتى الآن لم نشعر بالعدالة ..
فلماذا اصرارك الاستمرار رئيسة للقضاء؟!