فيروس عاصف ، وداء قاصف ، يُهلك الحرث والنسل، الموت اصْبح ارقاماً تَتَصاعد ، تتجه بقوة نحو نصف مليون ..واقواماً تتَساقط ، من لم يَمتْ بالفيروس يَحْتضر بالكابوس ،الحال يُغني عن السؤال ..يَستوجب من ذوي المروءة ،النظر للمَآلات والتبصر في المخارج،لينجو الجميع.
قال الماورديُّ: (المروءَة ..مُراعاة الأحوال إلى أن تَكون على أفضلها، حتَّى لا يظهر منها قبيحٌ عن قصد، ولا يتوجَّه إليها ذمٌّ باستحقاق).
خطر حادق وحاذق ،يجيد التخفي والمناورة،يبيت في العظام..دون ان يطرق باب،يَفرض علينا ان نجعل من جائحة الفيروس،
محطة تأمل ومراجعة ،تتخلص فيه الدول من مماحكات السياسة ،وغَبن الهزيمة ، فالسفينة واحدة ، والصراعات الحزبية والسياسية وهوي النفس،تبدو قصيرة القامة وذليلة، تُعرض الجميع إلى أسلحة الفيروس الشامل ، التي لا تُفرق بين لون وجنس.
يَحْضُرني في هذا السياق، مثل اثنين جمعتهم رحلة على متن طائرة،يَحترق جناحها أمام ناظريهم،ومهددة بفيروس وأنْزلت كمامات التنفس،وهُم يتصارعان ويَتبادلان السباب ،من اجل وَضْعية الكرسي!؟
الخطر دَاهم لايحتاجها إلى تَكاتف الأفراد فقط،بل يتعداه إلى شَراكة حقيقية للخروج بالعالم من كارثة ،قد لا تُمهلك العالم لحَظات لألتقاط انفاسه التي أنْهكها الفيروس،
تقديرات منظمة الصحة العالمية، تُشير إلى أن العالم ،قد يحتاج إلى ثمانية مليارات دولار، من التمويل الجديد الفوري، ومليار دولار لتعزيز استجابة منظمة الصحة العالمية للطوارئ والتأهب، و250 مليون دولار لتدابير المراقبة والسيطرة، وملياري دولار لتطوير اللقاحات، ومليار دولار للصناعات التحويلية وتوزيع اللقاحات، و1.5 مليار دولار للأدوية العلاجية لعلاج “كوفيد ـ 19″، ومع هذه الأرقام، فإن العالم بِحاجة إلى العمل الجماعي، كما يتطلب تضحيات مناسبة الآن، من قطاعات الاقتصاد العالمي كافة. ورغم أن هناك مبادرات جادة وفعلية من صناديق خاصة مثل صندوق “ويلكم تراست” و”ماستر كارد”، ومؤسسة “بيل وميليندا جيتس”، الذين أطلقوا مجتمعين مبادرة المسرع العلاجي بقيمة 125 مليون دولار لتحديد العلاجات المحتملة للفيروس، والتعجيل بتطويرها، ومجموعة العشرين تعقد اجتماعاً افتراضياً على اعلى مستوى ،لكن !؟لا يزال العالم ينتظر ،من صناديق أخرى عملاقة ،مبادرات مماثلة بما يدعم تطوير اللقاحات وإدارتها، فلا تزال هناك فجوة كبيرة في التمويل،نحتاج المروءة والعقل معاً، لثَلم شَأفة الإنسانية العالمية.
سُئل بعض الحكماء عن الفرق بين العقل والمروءة ؟ فقال : العقل يأمرك بالأنفع ، والمروءة تأمرك بالأجمل ..والعالم يحتاج الانفع والأجمل!؟
‼يوافق السبت الماضي21 مارس/ 2020 يوم الشِعر العالمي ، تأتي المناسبة ،التي لم يلتفت اليها أحد!؟والعالم يشهد ذروة اجتياح فيروس كورونا.
يكتب الشاعر السوري وفائي قصيدة لعالم (يحتضر) “ما فائدة أن تكتب قصيدة لعالم يزول؟”، “اختبئ أيها العالم مثل جرذ مذعور، كائن مجهري يثير هلعك”، “مضحك كيف يشعر الطغاة الآن… إنهم مثل كل الآخرين، مرتعدون ويتبولون من الذعر والخشية.. يا لعدالة الخوف!؟
قال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ( المصائب التي تحل بالعبد، وليس له حيلة في دفعها، كموت من يعزُّ عليه، وسَرقة ماله، ومرضه، ونحو ذلك، فإن للعبد فيها أربع مقامات:
أحَدها: مقام العجز، وهو مقام الجزع والشكوى والسخط، وهذا ما لا يفعله إلا أقل الناس عقلاً وديناً ومروءة.
المقام الثاني: مقام الصبر إما لله، وإما للمروءة الإنسانية.
المقام الثالث: مقام الرضى وهو أعلى من مقام الصبر، وفي وجوبه نزاع، والصبر متفق على وجوبه.
المقام الرابع: مقام الشكر، وهو أعلى من مقام الرضى؛ فإنه يشهدُ البليةَ نعمة، فيشكر المُبْتَلي عليها)..اللهم اجعلنا في مقام الشكر !؟