الان سيتذكر العالم ان ما كان يشاهده في قاعات السينما من أفلام هوليودية عن الفيروسات التي تقضى على العالم او تحول سكانه إلى مصاصي دماء ، لم يكن خيالا علميا فقط ، وإنما كان حدسا قويا ، لم يكن مجرد إنتاج سينمائي للترفيه ، وانما كان إنذارا مبكرا للبشرية . فالعالم اليوم بعد انتشار كورونا ليس هو العالم قبل ظهورها ، الناس ليست هي الناس ولا الأخبار ولا الاهتمامات ، تغيرات كبيرة حدثت في ظرف أيام قليلات والعالم يحارب في شيء غير مريء ، كائن غتاك ينتقل بين الناس بدون ان يراه أحد او تصيبه طلقة او عصا .
لو كان في هذا الفيروس جانب جيد فهو انه قدم درسا عميقا للبشرية بأن المعركة الحقيقية حول هذا الكوكب ليست بين بني البشر ، ليست بين الانسان واخيه الإنسان المختلف عنه سياسيا او دينيا أو ثقافيا ، وإنما بين جنس الانسان أجمع وغيره من الكائنات.
يروي التاريخ الطويل للكرة الأرضية عهودا غابرة سيطرت فيها كائنات أخرى غير البشر على هذا الكون وعاشت فيه بالطول والعرض ، كما تروي فصول التاريخ قصصا عن جراثيم متناهية في الصغر ولا ترى بالعين المجردة غزت البشرية واعملت فيها الموت والدمار ، وهي قصص كانت تبدو كالاساطير في عقول البشرية ، ولكن كورونا أعادها لعالم الحقائق .
البشر يقاتلون الآن في كل أنحاء العالم ضد كورونا ، كل من يقاتل لا يقاتل لنفسه بل من أجل الجنس البشري باجمعه ، وهذا ما يزيد عبء المسؤلية على كل إنسان في اي موقع من مواقع الكرة الأرضية، ان يكون جندي ضمن جيوش البشر ، وأن لا يكون ثغرة ينفذ منها الفيروس ، وهذا يعني أن يلتزم كل إنسان بالاحتياطات اللازمة لحماية نفسه واهله ووطنه والبشر أجمع، وعلى رأس ذلك البقاء بالمنزل وتحاشي التجمعات .
أهلنا في السودان ما يزال كثيرون منهم لا يتبعون هذه الاشتراطات وهم بهذا التساهل والاستخفاف بالفيروس يعرضون حياتهم وحياة أسرهم وحياة البشرية أجمع للخطر ، رجاءنا ان لا نخذل جيش الجنس البشري وان لا نكون ثغرة في جدار حماية البشرية ، وان نكون في المقدمة حماية لسيطرتنا على الأرض ، وكل المطلوب ان نبقى في المنازل وان لا نخرج الا للضرورة القصوى ، فرجاءا ابقوا بالمنزل ، ابقوا بالمنزل .
sondy25@gmail.com