بدايةً التحية لكل الفاعلين على المستوى الرسمي والطوعي في مجال الإنتاج الإعلامي الخاص برفع مستوى الوعي والإرشادات الخاصة بالوقاية من إنتشار فايروس كورونا في بلادنا التي هي في أمس الحاجة لعدم الدخول في حربِ جديده مع (مجهولٍ جديد) ، بعد أن تكالبت عليها الكثيرُ من (المجاهيل) التي نزعم (نسبياً) أنا قد وجدنا سبيلاً لمقارعتها أو على الأقل التعايُش معها ، ذلك لأنهم مبدئياً يُعلنون للقاعدين أنهم روُّاد المُبادرات العظيمة وأهل المواجهات عندما يحلُ الخطر ، ثم أنهم في النهاية يراهنون بالوعي والأمل على ما يشبه إستحالة نجاة هذه البلاد وشعبها من هذا الخطر الداهم بالنظر إلى ضعف الإمكانيات المادية والفنية والبيئية ، فضلاً عن تخلُّف مستوى الثقافة الصحية المجتمعية.
لكن علينا وعلى هؤلاء الإنتباه إلى أن المُخطَّطات الإعلامية والإعلانية التي تستهدف الإستنفار الجماهيري ، هي علمٌ قائمٌ بذاته وله أصول وفرعيات ومندوبات ومحاذير ، فالجُرعات التثقيفية في مثل هكذا أمور تحتاج إلى إستشارات واسعة في مجالات مختلفة أهمها قطاع الصحة النفسية الإجتماعية ، والتي يمكنها بالتعاون مع جهات الإختصاص في القطاعات الطبية الأخرى أن تدُل منتجي البرامج والمقاطع الإعلامية بشتى أشكالها المقروءة والمسموعة والمرئية عن حدود (الموازنة) بين التطرُّف في (التحذير) والمُبالغة في (الإستهوان) بالكارثة المتوقَّعة ، ففي كلا الكفتين من الإيجابيات ما يمكن إعتبارهُ محموداً ومندوباً ، ولكن في ذات الحين فيهما من السلبيات ما يُمكن أن يوسِّع من دائرة الضرَّر في ذات الموضوع وأحياناً (صناعة) أضرار أخرى لم تكن في الحُسبان .
من المعلومات المؤكَّدة التي أعلنتها الكثير من المصادر الطبية الموثوقة ، أن دفع الناس عبر إسلوب وطبيعة إخراج المواد الإعلامية التثقيفية عن فايروس كورونا للشعور بـ (الذُعر) والخوف و(الرهبة) إنما هو (مدخل) مضمون لأمراض نفسية عديدة أقلها ما يُعرف بـ (فوبيا) الفزع من المرض والفرار من الموت الذي هو بأمر رب العباد كتابٌ وأجلٌ محتوم ، وأخطرها ما يُعرف بـ (رُهاب) توهُّم الإصابة بالمرض والذي قد يقود صاحبه تحت الضغوط النفسية إلى محاولة عدوى الآخرين عمداً وعن سبق إصرارٍ وترصُّد ، هذا بالإضافة إلى تأكيد الأطباء والدوائر الصحية إلى أن الذُعر والخوف والهلع جميعها عوامل تعمل على إضعاف مقاومة الجسد للمرض وتسبيط إنزيمات مناعته ، والتي يعتمد عليها التعافي من هذا الفيروس بنسب عالية إذا ما إستذكرنا عدم إكتشاف العلاج القادر على مساندة ودعم المقاومة الذاتية للمصاب حتى الآن.
كثيرٌ من (الحذر) وقليلٌ من (الجُرأة) والثقة بالنفس في مضمار معركتنا مع كورونا كفيلة بإنتصارنا عليه ، وعدم تفريطنا في أدواتنا الذاتية لمقاومته وفي مقدَّمتها قدرتنا المناعية وإستقرارنا النفسي ، هل نطمح في مَنْ يقومون على أمر المنتجات الإعلامية والإعلانية التثقيفية ضد وباء كورونا أن يعملوا على تحقيق هذه الموازنة الهامة في خطة مكافحتهُ في السودان ؟.