عائشة الفلاتية من الرعيل الاول للمغنيات واحدي رائدات العمل الموسيقي النسوي لكنها لم تكتفي بكونها مطربة فقد اشتهرت بمشاركتها في رفع الروح المعنوية للجنود بجبهات القتال جالت شرق أفريقيا وشمالها لبث الحماس في صفوف الحلفاء إبان الحرب العالمية الثانية وتحفظ لها الذاكرة طيب الله ثراها ادوارها الانسانية وسط المقاتلين عندما كان السودان خاضعاً للإستعمار البريطاني. في عام 1940 تلقت دعوة من قبل إدارة الحكم الثنائي للسفر مع مطربين آخرين إلى مدينة أسمرا في إريتريا لاقامة حفلات للجنود المرابطين في معسكرات خشم القربة و الكيلو خمسة والكيلو ستة القريبة من تسني وامتدت رحلاتها حتى جبهة كرن في إريتريا حيث وقعت معارك بين القوات الإيطالية كما غنت بمستشفى النهر الخرطوم للجرحى والعائدين من ميادين القتال فكان ميلاد أغنيتي «يجوا عايدين» و «الليمون سلامته برية».
مناسبة هذه المقدمة تتبعي لجزء من برامج استضاف الناشطة الدكتورة مروة بابكر احدى ايقونات ثورة ديسمبر والتي ما زالت بنظم القصيد السهل الممتع تغذي عروق الثوار وتبث الامل وتحض علي الانجاز في ملفات المهام العتية التي بيد حكومة حمدوك وما يليها من التزامات اخلاقية ووطنية لصالح هذا الوطن ورفاهية وأمن انسانة وها هي تتصدر المشهد التثقيفي للحماية من فايروس كورونا انطلاقا من تخصصها الطبي واستمعت للمغنية مها عبدالعزيز التي حركت مكامن الدموع السخية بين الراقدين علي الاسرة البيضاء بأحد وحدات غسيل الكلي و ابكت الكثيرون بمواقع التواصل الاجتماعي وهي تتغني بشهيرة العطبراوي ” أنا سوداني أنا “ولو استدعينا لهذه الاشراقات مشاهد من قطار عطبرة ووهج فترات الاعتصام فان ذلك بعضه او كله يدعونا لطرح سؤال منطقي أين مبدعينا الكثر شعراء ومسرحيين وحاملي الريشة والالوان من قضايا الساعة
الضايقة الاقتصادية الخانقة في خبز العيش والجازولين والبنزين وقضايا السلام والتهميش وكورونا وضرورات الحجر الصحي وغيره الكثير الذي يحتم علي المبدعين والموهوبين تنظيم قوافل محصنة صحيا تجوب القرى والحضر لحض الناس للالتفاف حول الثورة ومحاربة اوجه الفساد ولرفع الروح المعنوية للمواطنين وأسر الموجوعين والمشردين والشهداء وحضهم علي الصبر والمصابرة ودعم الجهود المبذولة من القاعدين علي كراسي المسوؤلية الصحية بما تيسر لهم ان كان ذلك بنفض الغبار او بالابتكارات وحض الهمم وعبر برامج تلفزيونية وعبر الوسائط الالكترونية
خلال الثلاثون عاما التي حكم فيها مقطوع الطاريء قام كثير من الفنانين برفقته لرفع الروح المعنوية وسط الجماهير ولترويج خططهم وافكارهم والتي وضح ان كثير منها كانت ملهاءة وابتزال لسلب عقول المواطنين البسطاء وتخريب ممنهج لكثير من الموسسات والانظمة الخ ومع نجاح ثورة ديسمبر التي سجلت اشراقات في رزنامة نضال المواطن الاغبش واعادة لصياغة شخصيته فان هناك ضرورة
لتسيير قوافل فنية ابداعية او عبر الوسائط جادة وملتزمة من اتحادات الفنانين والمهن الموسيقية والتشكيليين والممثلين واهل المسرح وغيرهم تجوب المدن والقرى والحلال ووفق الاجراءات الاحترازية الصحية و يمكنها ان تحقق الكثير معنويا وتثقيفيا وتعيد الى هذه المكونات روحها الوطنية المنوطة بها لدعم المسارات ولنفض حالة الغنوط والضيق التي التبست الناس وباتت تبعدهم يوما عن الاخر عن مسارات ثورتهم وقيام اليات تاسيس دولة الديمقراطية والعدالة والسلام
” يجوا عايدين ” والليمون سلامته او شرابه عشية وأنا سوداني أنا وغيرها من أغاني وأشعار وطنية في ذلك الزمان المؤغل في عظم التاريخ ما زالت متوهجة ومعبرة وحية تمشي بين الناس منعشة لدواخلهم المحبطة وسجل توثيقي لاحداث تلك الازمنة فما بال مبدعي اليوم متراخين وغائبين او مغيبين في مقابل الاشاعات والتدليس ومع كل امكانيات التكنولوجيا والثورة المعلوماتية ووسائل التواصل الاجتماعي التي تسابق البرق وحاجة الغبش لكل ما يرفعً معنوياتهم ويملا صدورهم بالحيوية والامل ويملكهم الحقائق وسجل التاريخ يبقى عطش متلهف ومفتوح لتسجيل النجاحات ” حتى في زمن الكورونا ” فكونوا من المتدافعين لصناعة صفحات متوهجة عبر الفضاءات والوسائط او القوافل المحصنة صحيا لتغذية عظم الموجوعين الغبش حتى ولو ب ” يجوا عايدين والليمون سقايته برية وعشية ” وشبيهاتها من كنوز الاغاني الحماسية الصادقة النابعة من وجدان صافي بدلا من رص الاشاعات وبث الاحباط هنا وهناك وسلامتكم
اعلامية وناشطة اجتماعية مقيمة بقطر
Awatifderar1@gmail.com