في الوقت الذي تنشغل فيه الدنيا بكيفية التوصل إلى سبل السيطرة والقضاء على فيروس “كورونا” الذي تحول وفق منظمة الصحة العالمية إلى وباء، من المؤسف أنه مازالت تهتز جنبات العالم العربي بقذائف وصوار يخ وطلقات في حروب، تفتقد إلى أبسط قواعد المنطق، ولن تجني الأطراف الضالعة فيها سوى الخسران المبين، فالمنتصر في هذه الحروب سيتوج على أشلاء إخوته وأشقائه وأطلال وطنه.
والغريب أن نشرات الأخبار في قنوات العالم لم تعد تبث أي تقارير عن صراعات طائفية أو أيدولوجية أوجهوية مسلحة في أي ركن من أركان الدنيا، واحتلت تقارير الوباء وتداعياته ما لايقل عن 90% من وقت تلك النشرات الإخبارية، الأمر الذي يشير إلى أن الخطر الأعظم وهو وباء كورونا قد فرض أجندته على الجميع، إلا ها هنا في منطقتنا، فما زال المسؤولون عن تلك الصراعات المسلحة يغوصون في وحل أوهامهم وأطماعهم.
كنت أتوقع أن يعلن قادة الحروب العربية -العربية عن وقف كامل لإطلاق النار وهدنة دائمة، ليوجهوا إمكاناتهم التي يهدرونها لإغاثة شعوبهم وطوائفهم وبني أوطانهم من الخطر الداهم، الذي لن يميز بين تلك الطوائف والمعسكرات المتنازعة، وقد أجبرت الحروب الملايين من أبناء تلك الأوطان الموبوءة بالصراعات المسلحة على النزوح والتشرد واللجوء، والموت جوعا، أوالموت في برد الشتاء أو قيظ الصيف.
إن على المسؤولين عن الحروب الأهلية المستعرة في سوريا وليبيا واليمن والعراق والسودان والصومال
التصرف بإنسانية ووطنية وشجاعة، والمبادرة بالإعلان عن وقف هذه الحروب المجنونة، رحمة بشعوبهم
والحفاظ على ما تبقى من الأوطان، ومواجهة عدو مشترك يهدد الإنسانية جمعاء.
نائب رئيس تحرير الأهرام