صدق أو لا تصدق ..الكورونا جعلته يكسب خمسة ونصف مليار دولار زيادة ليصبح إجمالى ثروته مائة وعشرين ملياراً .. إنه جيف بيزوس صاحب شبكة أمازون العالمية، التى يصل رأسمالها الرسمى إلى تريليون دولار ..يبدو فعلا أن مصائب قوم عند قوم فوائد.. البعض يقول إن المؤسسات الرقمية العالمية .. أصبحت أشبه ب”الحانوتية” .. فكلما زادت الأزمة زادت مكاسبهم .. لكننا لابد أن نعترف بأنه لولا عصر ثورة الإتصالات الرقمية لستحالت إدارة شؤون البلاد والعباد: بداية من أن الإتصال عن بعد ..إلى المعاملات المالية أونلاين … إلى مؤتمرات الفيديو كونفرانس ومنصات التعليم الإلكترونية ..
الكورونا سوف تغير العالم على كافة الأصعدة .. طبعا من السابق لأوانه التكهن بسيناريوهات قاطعة .. إلا أن نظرية الإحتمالات تقودنا إلى بعض التوقعات وعلى رأسها .. تحول موازين القوى .. فالصين وكوبا وروسيا أصبحوا هم أبطال الإنقاذ بعد أن تقاعست دول الإتحاد الأوربى وأمريكا عن نجدة إيطاليا.. فنحن نرى الآن صورة أغرب من الخيال … المدرعات العسكرية الروسية تجوب شوارع روما حاملة الأطباء والمساعدات الطبية وسط اصطفاف الطيالنة لتحيتهم، ونرى كذلك الصين وهى التى ترسل ملايين الكمامات وفرق الإنقاذ الطبية ومثلها فعلت كوبا .. مما جعل المواطنين الأوربيين ينزلون علم الإتحاد الأوربى ويرفعون علم الصين.
الذهول ينتاب العالم وموازين القوى تتبدل بينما ترامب يعلن أن أمريكا سوف تدعم أوربا بمائة مليار دولار وأنها سوف ترسل لها فائض أجهزة التنفس .. هل ماحدث يعتبر إرهاصات لمشروع مارشال جديد صينى روسى كوبى.. فى الحقيقة لو استمر الأمر على هذا المنوال فسوف تتراجع الرأسمالية التقليدية ويتقلص نفوذ الأمريكان ويعاد تشكيل العالم، ولا نستبعد أن يرسل بوتين وشى جين بينج برقيات إلى ترامب يقولون له فيها ..”نشكركم على حسن تعاونكم”.
سبحان الله .. مجرد جرثومة ستعيد هيكلة العالم وتعمل فيه تغييرات جذرية مهولة على عدة محاور وأصعدة
أولاً: أفول نجم أغلب الأطقم السياسية الحاكمة الآن عن المشهد وتقديم أغلبها إلى المحاكمات لأن أداروا الأزمة برعونة وتسببوا فى موت عشرات الالاف
ثانياً: العلم سوف يصعد للمقدمة .. والأموال سوف تتجه بقوة نحو البحث العلمى الذى يساهم فى تحسين مستويات الحياة.
ثالثاً: عودة الروحانيات .. الجين الإلهى الوراثى سوف ينشط مرة أخرى. لعالم سوف يطيل النظر إلى السماء، وليس فقط إلى الأرض و الفضاء.
رابعاً: فلسفة إنشاء الجيوش وتصورات العقيدة القتالية والحرب البيولوجية سوف تتغير، وكذلك الصراعات الجيوسياسية والإحتلالات الجائرة لأراضى الدول والنهب الممنهج لثرواتها.
خامساً: الكورونا ستحدد بل سوف تنتخب أسياد العالم الجدد .. الصين أم أمريكا .. روسيا أم كوريا الجنوبية وربما الشمالية .. الرأسمالية أم الشمولية والشيوعية .. ومصير الشرق الأوسط سوف يتحدد بناء على معرفة من هو الفائز فى هذا الصراع ..
سادساً: أنظمة التفتيش والأمن فى العالم فى المطارات والموانى سوف تتغير.. لن يبحثوا عن كونك إرهابيا أم لا .. ولكن سوف يسألون عن صحتك ويتأكدون من خلوك من الأمراض المعدية على الأخص.
سابعاً: المائتا تريليون دولار التى تتحرك فى البنوك العالمية سوف تتوجه نسبة كبيرة منها إلى الاستثمار فى المجال الرقمى والاستثمارات الصحية.
ثامناً: من يكتشف الدواء أولا سوف يكون له شأن كبير فى إدارة شئون العالم
تاسعاً: الكورونا أيضا سوف تعيد تحرير العقد الاجتماعى بين المواطنين والدول سعيا لمبادئ المساواة والعدالة ..فقد رأينا أثناء مواجهة الكورونا تحقق مبدأ المساواة إلهيا . بين الملياردير والعبد الفقير بين الباشوات والصعاليك .. وعاد الإنسان إلى حجمه الطبيعى مرة أخرى.
العالم الذى كان يجرى جرى الوحوش أراده الله أن يأخذ أجازة إجبارية؛ لكى يعيد ترتيب أوراقه وأولوياته ربما يستعيد إنسانيته.
عاشراً: هى فرصة لاستنفار همة العالم العربى نحو التقدم والحداثة والنظام والنظافة والعلم والإبداع والرقى .. خاصة وأنه مهد الأديان والأقدر على تحقيق التوازن بين العقل والمادة والروح فى عالم فقد رأسه إلا قليلاً.