قبل عشرة أيام وبالتحديد في ٢٨ مارس المنصرم ، وبعد إكتشاف حالتين جديدتين وصلت بهما الحالات المكتشفة الى ( ٥ ) حالات ، كتبت مقالا بعنوان( أغلقوا الخرطوم ) دعوت فيه إلى إغلاق الخرطوم فورا لمواجهة تمدد الوباء .
قلت في المقال بالنص ( يجب على السلطات إغلاق العاصمة الخرطوم فورا ، لا داخل لا مارق ، وداخل هذا الإغلاق إغلاق الأحياء التي سكنت فيها الحالتان أعلاه واختلطت فيها بالناس ، مع عزل منزلي مراقب لكل من اختلط معهم خارج إطار هذه الأحياء، ولا يكون الدخول والخروج الا في الحالات الضرورية وباذن من الشرطة والجيش الذي يوزع نقاط حراسة ومراقبة حول المدينة وحول الأحياء المغلقة ) .
لم يستمع للنصح احد !! واليوم أعلنت وزارة الصحة وصول الحالات المؤكدة ( ١٤ ) حالة ، والأخطر ان الحالة رقم ( ١٣ ) لمريض لم يأتي حاملا للمرض من الخارج ، ولا كان مخالطا لمريض مشخص بالكورونا بالداخل ، وهذا يعني أن المريض لا يعرف من أين جاء بالمرض ، فقد يكون اخذه من كمساري المواصلات او من صاحب البقالة او من شخص صلى بجانبه احد الصلوات في المسجد أو من صيوان عزاء او من حفل عرس او … الخ .
ما حدث مع الحالة ( ١٣ ) يسمى الانتشار المجتمعي community transmissio . وهو مستوى لا يعرف فيه مصدر المرض ويصعب تقصي الحالات فيه . الوصول لهذا المستوى تتحمل مسؤليته الحكومة الانتقالية التي لم تستمع للنصح ( وسدت دي بطينة ودي بعجينة ) حتى بلغنا المرحلة الراهنة ، والتي لا يستطيع فيها سكان الخرطوم معرفة هل هم مصابين بالمرض ام لا .
ظهور حالة واحدة بالانتشار المجتمعي هو مؤشر لظهور متوالي لإعداد كبيرة من المرضى ، والطريق الوحيد للسيطرة هو اجراءات التباعد الصارمة ، كل يوم يمر بدون اتخاذ هذه الإجراءات يعني أنتقال البلاد إلى المرحلة الحرجة مرحلة أجهزة التنفس .
الاجراءات الصارمة هي اغلاق الخرطوم بالكامل ، اعلان حظر التجول الشامل داخل الخرطوم ، اعلان إيقاف الحركة بالكامل بين المدن والقرى في كافة انحاء السودان، الا في الحالات الصحية الطارئة وعربات المؤن الغذائية ، متابعة الوضع في الولايات بدقة ، وفي حال ظهور اي حالة انتشار مجتمعي في اي مدينة ، اعلان الحظر الشامل فورا في تلك المدينة .
وزارة الصحة عليها ان تعد مستشفيات خاصة بمرضى كورونا ولو يتم تشييدها داخل الجامعات او الاستادات او أي منشأة ، مع اغلاق كافة المستشفيات التي ظهرت فيها الحالات وتعقيمها .
ندخل مرحلة حساسة من هذا الوباء ، المواطنين عليهم الانتباه وعدم التهاون ، والاستجابة الكاملة لكل الإجراءات الحكومية التي تعلن للسيطرة على المرض ، الحكومة عليها عبر وزارات المالية والتجارة والتنمية الاجتماعية ومنظمات العمل الطوعي ، توفير معينات الحياة للاسر الفقيرة ، وتوفير المعينات الغذائية في متناول الأسر المحظورة حتى يستطيع الشعب جميعا تحمل أثار الحظر الشامل . مع توعية المجتمع بان هذا الإجراء ليس عقابا وإنما هو حفظا لسلامته وحياته ، وعدم الالتزام به لا يعني سوى الطوفان.
sondy25@gmail.com