كلما أقرا تصريحا للدكتور محمد جلال هاشم المسئول في حركة الشعبية جناح عبد العزيز الحلو، اقف مستغربا ومندهشا ومتسائلا ماذا تراه يريد ان يقول؟ وهل فعلا من يتكلم أمامنا رجل سياسي وصاحب لقب أكاديمي؟ ولا تلبت تستعيد تقديراته الخاطئة أثناء الثورة حين حاول أن يمارس وصايه على المهنين قائلا إن مواكب السادس من أبريل 2019 خطأ قاتل ويجب أن لا يتقدم ولا تمضي مواكبه لغاياتها لأن النظام سيهزمها. ثم نستعيد صورة المواكب وهي تهتف هتافا يشق عنان الفضاء ولها صدى في الافاق (تسقط بس ) وقد ركبت الثوره راسها وانتصرت. وذهب ريح نظام الانقاذ وانكسرت شوكته وإلى الابد. اختفى الدكتور محمد جلال واختفت إلى حد ما (وصايته). ولكنه ظهر فجأة بعد انتصار الثورة يخطب ويدرس مستمعيه او يجرعهم نظرية الهوية باللون ويدعي وصلا بليلى وأبوة للثورة. وفي تلك الخطبة بالذات أزبد وأرغى دون داع حتى رأيت بأنه ربما يحتاج (لمريلة). ولم يقل في خطبته لكم ضميركم ودينكم ولي ديني وضميري. كما توحي شعارات الثورة. ولكنه عوضًا شرع يهدد الشعب السوداني بأن يقبل تصوراته للسودان ولنظام الحكم والتخلي عنه هوياته المتعددة وإلا فإنه سيقلع وحدة البلد طوبه طوبه وحلة حله (ولغة لغة) ولون لون ثم سيركبها من جديد حسب نظرية اللون الاسود ربما بعد أن يجهز علينا. لا أعلم إن كان مر على الدكتور هاشم ما أورد الطبري عن ابن عباس بأن رجلا من سالم بن عوف يقال له الحصين كان له ولدان مسيحيان وهو مسلم. فسأل الرسول عليه الصلاة وأتم التسليم أن يرغم ولديه على اعتناق الاسلام بعد أن أصرا على التمسك بالمسيحيه. فنهاه الرسول عن ذلك ونزل قوله (لا إكراه في الدين) لانه ان مر هذا القول لعرف انه منذئذ اي قبل ١٤٤١ عاما فإن مبدأ حق الاختلاف في الاعتقاد شائع بين السودانين ولعله من اسس التفكير السوداني فضلا عن الانساني.
فلماذا يا ترى لم يدرك الدكتور محمد جلال هذه البديهة او لم يسمع بها بعض اصحاب الالقاب وحملة الشهادات ؟ خاصة انه من الذين يقولون لك انهم يعرفون اي شيء عن كل شئ ويجب أن نسمع كلامهم ونستخدم وصفاتهم.
إن في طبع السوداني بغض النظر عن تعليميه ، الميل الفطري لقبول الاختلاف في العقيدة وفي الرياضة وفي السياسية وأحلى الألوان عند السوداني الأخضر الليموني. السوداني يعرف بالميلاد بان الاكراه في الاعتقاد حتى للزوجه من زوجها مرفوض. واعتقد أن السودانيين في تسامحهم السياسي والعقدي شافعيه أو هم أقرب. فقد افتى الامام الشافعي بأن لا يفاتح الزوج زوجته الغير مسلمه في ان تدخل الاسلام لأن في ذلك (تعرضا وقد أمرنا أن لا نتعرض لهم).
ولهذا في الممارسات السودانيه تبلغ الحساسيه في التعامل مع المختلف حدا يجعل من ينظر للمختلف باحتقار بانه مغرور وغير جدير بالاحترام. وقد كانت من شعارات ثورة ديسمبر ومواكب السادس من ابريل الأثيرة ( يا عنصري ومغرور كل البلد دارفور).
واذا كان لما اوردت نصيب من صحه فانه يصح استدعاء المثل السوداني هاهنا (الساقط لا يصحح كراسات الناجحين).