١- نتيجة للكساد الاقتصادي العالمي، وضمور الموارد، وتصاعد الدعوات لمساعدة المواطن المحلي أولاً، أتوقع عودة مفاهيم الدولة الآحادية، وتراجع نظريات التعاون الدولي. ظهرت هذه النزعة الانغلاقية مبكراً مع تفشي فيروس كورونا مسنودة بقبول شعبي لقفل الحدود، وإرجاع المواطنين إلى بلدانهم، بل وطرد المرضي الأجانب في بعض البلدان . هذا القبول بالرجوع للدولة الآحادية، مرفوقاً بالكساد الهائل واختلال الموازنات المالية وتآكلها بسبب الخسائر الهائلة التي قضت بها كورونا علي اقتصاديات الدول الصناعية، ستنصرف الدول الغنية عن تمويل المنظمات الدولية؛ مما سيعني إلغاء وتقليص كثير من أجسامها، وتحديداً الاكثر كلفةً وإنفاقاً، مثل: مؤسسات الردع الدولية كمجلس الامن وغيره. وعلي محور آخر أتوقع أن يقلّ الاهتمام بشأن الدول الفقيرة عموماً، وبالتالي سنشهد تصدعاً وضموراً متزايداً للعلاقات التعاونية التي كانت ما بين دول الشمال والجنوب.
٢-أرشح أفريقيا كبؤرة لهذا النظام الجديد الدولي الذي ستترتب عليه حالات من الانفلات العسكري المتكرر لتكرس حالات من الاحتلال الاستيطاني المؤقت لأراضي الجيران ذات الموارد الغذائية والوفيرة المياه، وهو ما سيرسخ حالة من حالات الترسيم الواقعي للحدود علي أسس الأغلبية السكانية وليس التبعية السياسية . فالحدود في أفريقيا والشرق الأوسط صنعها الاستعمار وفق معطيات الجغرافيا السياسية فقط، وأهمل الإثنيات والقبائل الكبري التي تعيش بين الحدود. الآن، أتي الدور علي هذه القبائل لأن تكون المخلب الاول في قيادة التغيير الديموغرافي الذي سيكون فوضوياً في غالبه بسبب هجرة الأفواه الجائعة.
وعليه، أتوقع انفجاراً محموماً للصراعات القبلية الحدودية، وسيكون دموياً؛ لأنه سيأتي مسنوداً من دول الغالبية السكانية في الضفة الأخرى من الحدود، ولتكريس حالة الأمر الواقع والهيمنة علي الموارد الطبيعية التي لدي الجيران.
في حالتنا، هذا التمدد السكاني سيبدأ بتدفقات ضخمة عبر الحدود من سكان البلدان المغلقة land locked، الواقعة في حزام الوسط الشرقي والغربي بأفريقيا، إلي موارد جيرانهم الزراعية والمائية . فالحصول علي الطعام سيكون هو التحدي الأول للإنسان والدولة في “اللانظام ” الجديد.
وفقا لحيثيات هذا السيناريو وفرضياته القاتمة، سيكون السودان هدفاً أساسياً لهذا التعارك من منظور أننا الدولة الوحيدة في العالم التي تتوفر علي هذا الكم العددي الكبير من بلدان الجوار الجغرافي، ذات المنافذ البحرية فقط وضعف الموارد أو المنغلقة برياً أو ذات الكثافة البشرية الضخمة والأفواه التي ستجوع !
٣- في الغرب، تأكد سقوط كامل للنظرية الاقتصادية التقليدية التي كانت تحرِّم علي الدولة التدخل التخطيطي في اقتصاديات السوق. فللمفارقة ان من قام بضخ 2 ترليون في شرايين الاقتصاد، وأرسل شيكات للمواطنين علي عناوين منازلهم، هو الحزب الجمهوري الذي كان يعارض فلسفياً وعملياً اَي تدخل حكومي في الاقتصاد، مهما حدث ! بل وكان يباهي بأن إقتصاد السوق يؤسس علي ضآلة الدور الحكومي في الاقتصاد الكلي، وهو أساس الرأسمالية، ويهاجم النظرية الاشتراكية والتخطيط المركزي للاقتصاد علي هذا الأساس. بسبب كورونا سقطت الأسس النظرية وزاد القبول الاجتماعي بدور الدولة في دعم الاقتصاد وإنقاذ المؤسسات الآيلة للانهيار والإفلاس.
٤- سوف نشهد تحولاً تدريجياً في نوعية سباق التسلح وابتعاداً من الأسلحة النووية المكلفة جداً، إلي نظم جديدة تدمج القدرات الصاروخية بالأسلحة البايولوجية والجرثومية وطرق الوقاية منها .
٥- وعليه أتوقع اهتماماً بحثياً عالمياً في تقنيات الهندسة الجينية التي أصبحت أكبر “مخترع” للأمراض، وفي ذات الوقت حائط الصد الأول ضدها.
نقلا من صفحة الكاتب في الفيسبوك :
https://www.facebook.com/abdulrahman.alamin.14