• بحسابِ الزمن، تُكمِلُ ثورتُنا هذه الأيام عاماً كاملاً، بعد إنتصارِها المهيب، عندما توَّجت نضالاتٍ متطاولة في مدافعة نظام البؤس، والقمع، والإحتيال !! وكذلك يكملُ هذه الأيام كبيرُ اللصوص والكذابين، وأكبر تاجر عُملة بدرجة (رئيس كضاب)، مع قليلٍ من عصابته، عاماً كاملاً خلف القضبان !
والآن -بعد هذا العام- نريدُ أن نلتفت إلى الوراء لنتساءل بكل جُرأة، وفي بعض تساؤلات: ماذا حققت ثورتُنا في هذا العام ؟!
كان، خلال هذه الثورة، قد سقط شهداء، بلا حصر، وهم يقاومون حُكماً جباراً بلا رحمة، وبلا أخلاق، ولقد شاهد العالم كله كيف أن متجبِّرين (بلبوس الدين) يسمحون لكلابهم بتسلق الأسوار على الحرائر، وضربهن، وسحلهن، وإنتزاع أبنائهن، وإخوانهن، وأزواجهن من بين أيديهن، وضربهم، وسحهلم، وأحياناً قتلهم، وأخذهم إلى التلاجات والسجون، وقد لا يعودون!!..
لقد شاهد العالمُ كله أثناء هذه الثورة، وقد قُتلَ أبرياء، ومقاومون، وثوارٌ ضد البطش وآلة التقتيل، والسحل، والتعذيب !! ولقد شهد العالم كله على هؤلاء الأحرار، وقد عُلِّقوا من أرجلهم من أسقُف الزنازين، وعذِّبوا أشد التعذيب، ثم قتلوا، ورُميَ بجثثهم في التُّرع، ومقالب الزبالة، والعَراء، وفي بطن النيل!!
ولقد أُغتصِبت إبان هذه الثورة البناتُ المُحتجات، والمعتصمات، والمقاوِمات، وفي بعض الأحيان تعرَّفت هؤلاء الثائرات على مغتصبيهن بالشكلِ، والإسم، والهيئة !!
لقد شهد العالم كلَّ ذلك، وهو يتفرجُ، وأحياناً يصدر بيانات خجولة يشجب فيها ويدين فقط، ولكن صمد الشعبُ الثائر، ودون مساعدةٍ من أحد، وتمسك بسلمية ثورته بعنادٍ وصبر حتى أنتصر !!
والآن وبعد مُضي عامٍ من إنتصار تلك الثورة، من حقِّنا أن نوجه بعص أسئلةٍ محددة لحكومتنا، حكومة الثورة، ولرئيس وزرائها الدكتور عبد الله حمدوك، وللحاضنة السياسية الرئيسة لحكومة الثورة، وهي ليست كل ما يجب أن يُسأل.. عِلماً أننا لا نقيس نجاح هذه الحكومة أبداً بقضائها “كلياً” على صفوف الرغيف والبنزين، ولا بتوفير المواصلات، ولا بخفض قيمة الدولار المتصاعدة أمام العملة الوطنية المتهاوية، لأننا، وببساطة، نفهم أن كلَّ هذه المشاكل الشائكة وغيرها، هي وليدة الفشل المتراكم، والفساد المتطاول، والنهب المستمر لبلادنا ومواردها، والذي سوف لن تستطيع أيُّ حكومةٍ، مهما أوتيت من سِحر، إنهاءه بين عشيةٍ وضحاها !!
نحن نعذِرُ حكومتنا، ولن نحملها ما لا تطيق، ولكننا نسألها عما كنا نظن أنها كانت تطيقه، غير أنها عجزت عن تحقيقه، وهي أسئلة محدودة، وقليلة، ومباشرة، وليست شاملة:
• لقد مضى عامٌ كاملٌ يا حكومة الثورة، ومن عجبٍ، أنه ما يزالُ لصوصُ الإنقاذ، هم أنفسهم، بشحمهم ولحمهم، يسعون بيننا، كما كانوا، أحراراً طلقاء، وقِحون، منعَّمون، مرفَّهون، وينهبون كما كانوا من قبل ينهبون..لماذا لم تقبضوا عليهم؟ ما الذي يمنعكم من إعتقالهم، ولو تحفُّظياً، وإيداعهم السجون وكف أيديهم عن أموالِ الشعب، والتآمر على الثورة؟!
• لقد مضى عامٌ كاملٌ، ولم تستطيعوا أن تضعوا أيديَكم على موارد الدولة، ولا على مقاليد مؤسساتها، ولا على مفاتيح خزائنها، ولم تسيطروا على مئات الشركات، والمؤسسات مما أحكم عن طريقه لصوصُ الإنقاذ السيطرةَ على تلابيب إقتصاد البلاد، وشرايين دم الشعب!! ما الذي يمنعكم من فعل ذلك حتى الآن؟!
• لقد مضى عامٌ كاملٌ، وما زال اللصوص والمتآمِرون يدخلون البلاد ويخرجون، وما زالوا يعبثون، ويكيدون، ويتظاهرون، وما زال منافقو السلاطين يكتبون، ويتبجَّحون، ويلفقِّون، ويدلِّسون، وكأن كذابهم الأكبر البشير لم يكُن إلا في إجازة راحةٍ وإستجمامٍ، لماذا لم تحموا الثورةَ والثوار من نهشِ هؤلاء الضلاليين، حتى الآن!!
• وإذا كانت قِوى الحريةِ والتغيير، وخلال عامٍ كاملٍ من عمر الثورة، غيرَ قادرةٍ على توحيدِ رؤاها، ولا على مواجهةِ معوِّقات إتمام الثورة، ولا على مصارحة الشعب بعجزِها، فهل هي ما زالت، جديرةً بقيادة ثورةِ الشعب هذه، ومؤتمنةً عليها!
• وبعد عامٍ كاملٍ من قيام الثورة، وسقوط حكومة الإفك، والضلال، لماذا لا تزال ثورتُنا تتعثر، وأحياناً تتراجع!!
• بعد عامٍ من نجاح الثورة، هل علاقاتكم مع دول الخليج على ما يرام، بعدما وعدت وأوفت تلك الدول بالدعم السخي لإسناد الشعب السوداني؟!..إذا كانت الإجابة بلا، فمن خرَّب علاقات بلادِنا بدول الخليج؟!
• وبعد عامٍ من نجاح الثورة، هل هناك دولةٌ عميقة بالمكوِّن العسكري للحكومة تعيق عملها؟! لماذا لا تصارحون شعبكم بذلك إذا وُجِد؟! لماذا لا تقولون لنا إن حكومتكم تتعثَّر لأن الجهة الفلانية لا تريد لها أن تتقدم؟!
• والحالُ كذلك، يهمُّنا أن نسأل هنا آخيراً رئيسَ وزراء ثورتِنا سؤالاً واحداً لا غير، ونحن نعرفُ الكثيرَ جداً عن المكوِّنِ العسكري للحكومة: مَن مِن هؤلاء يقفُ مع الثورة، البرهان أم حميدتي، ومن منهما يعرقلُها ؟!
أرجوكم يا سادة، لا تُميتوا علينا ثورتَنا..فمن أسقط البشير قمينٌ بإسقاط غيره، ولو تحوصل بالدولة القميئة !!