لن نلعب دور الوسيط بين مصر وإثيوبيا.. وندافع عن مصالحنا
رئيس الوزراء سيزور مصر وإثيوبيا بعد أزمة كورونا
كتب- محمد عمارة:
في أول حوار له مع وسيلة إعلامية مصرية منذ تعليق مفاوضات سد النهضة، كشف الدكتور ياسر عباس، وزير الري السوداني، كواليس المفاوضات الماراثونية التي يرى أنها لم تنته بعد رغم انسحاب إثيوبيا، وموقف بلاده من السد، كما كشف سبب رفض الخرطوم القرار العربي ضد إثيوبيا.
وقال عباس، لـ”مصراوي” من خلال الـ”واتس آب”، وعبر أسئلة أرسلت إلى مكتبه الإعلامي من قبل الصحفيين، إن بلاده ليست وسيطًا في مفاوضات سد النهضة، لكنها تدافع عن حقوقها في ملف مياه النيل.
وكشف عباس، اعتزام رئيس الوزراء السوداني زيارة مصر وإثيوبيا عقب انتهاء أزمة كورونا، قائلًا: “المفاوضات لم تنهار وإثيوبيا طلبت مهلة لإجراء بعض المشاورات، وسد النهضة له فوائد عديدة للخرطوم”.
وإلى نص الحوار:
- هناك اتهامات للسودان بدعم إثيوبيا في ملف سد النهضة على حساب مصر، ما ردك؟
السودان لا يدعم أي طرف، وهو طرف أساسي في هذه المفاوضات، وله حقوق في مياه النيل ويسعى للحفاظ عليها، ويدعم التعاون بين الجميع. - لكنكم تدعمون وجود السد حتى قبل التحقق من أمان إنشائه؟
أمان السد جزء أصيل من موضوعات التفاوض ولا توجد اتفاقية مكتملة حتى الآن، هناك مسودة اتفاقية تم إعدادها بواسطة اللجنة المكونة من الأطراف الثلاثة، وجرى التفاوض حولها بالتفصيل والتوافق على معظم مواضيعها وتبقى القليل الذي يحتاج للمزيد من التفاوض. - هل يرجح السودان كفة إيجابيات السد أكثر من السلبيات؟
إيجابيات السد أكثر من سلبياته، وتحدثنا عنها كثيرًا، وما يهمنا في هذا التفاوض هو تقليل السلبيات وتحويلها الى فوائد. - هل هناك تضارب بين موقف المجلس السيادي والحكومة بشأن سد النهضة، وهل يؤثر تعدد المواقف على العلاقات مع مصر؟
لا يوجد تضارب بين موقف المجلس السيادي والحكومة، لكن موضوع سد النهضة والتفاوض حوله من اختصاص الجهاز التنفيذي للدولة، أي مجلس الوزراء.
- من يتحمل مسؤولية انهيار المفاوضات الأخيرة؟
المفاوضات لم تنهار، وإنما طلبت أثيوبيا إعطاءها فرصة لإجراء بعض المشاورات الداخلية، ونتوقع استئنافها في القريب العاجل ونؤكد أنها قطعت شوطًا كبيرًا وتبقى القليل الذي يحتاج لحسم. - ما توقعات الخرطوم لمسار الأزمة في ظل تعثر الوساطة الأمريكية؟
هناك مسودة اتفاق وضعت بواسطة اللجنة المكونة من الأطراف الثلاثة بالتنسيق مع المراقبين – وزارة الخزانة الأمريكية والبنك الدولي وتبقى القليل من بنود الاتفاق الذي يحتاج للتوافق.
وهناك بعض المعلومات التي تشير إلى توقيع جمهورية مصر، ولكن نحن موقفنا واضح كما أكدناه في الاجتماع الأخير نهاية فبراير الماضي، وهو أنه ليس هناك جدوى بالتوقيع الجزئي على مسودة اتفاق لم تكتمل كل تفاصيله.
السودان طرف أصيل في هذه المفاوضات ويسعى إلى الحفاظ على حقوقه المائية في مياه النيل والتعاون الكامل مع جيرانه وتشجيع التكامل الاقتصادي بما يحقق استدامة التنمية والسلم الإقليمي.
وقدم السودان مقترحات بناءة يمكن أن تحقق طموحات الدول الثلاث، وفقًا لاتفاق إعلان المبادئ الموقع في الخرطوم في مارس 2015 ومبادئ القانون الدولي، وعليه فإن موقف السودان هو ضرورة استئناف التفاوض في أسرع وقت ممكن واستعداده التام لذلك.
- هل تلقى السودان أي موافقة من الأطراف الأخرى بخصوص تحديد موعد للاجتماع مرة أخرى؟
سيتم استئناف التفاوض في أقرب فرصة ممكنة، خاصة بعد الاتصالات التي أجراها رئيس الوزراء دكتور عبدالله حمدوك مع واشنطن، ونيته زيارة القاهرة وإثيوبيا لاستعجال الأطراف لبدء المحادثات، ولكن جائحة الكورونا وتحديد شروط السفر ربما تساهم في بعض التأخير. - ما السبب الحقيقي وراء تأخير الاتفاق حول سد النهضة؟
المواضيع المتعلقة بالمياه الدولية في الأصل هي مواضيع شائكة ومعقدة جدًا نتيجة لتنافس الدول في الاستفادة القصوى من المصادر المائية، بسبب تزايد الاحتياجات مع تزايد السكان والنمو الاقتصادي لتلك الدول، وعليه فإن المفاوضات غالبًا ما تأخذ وقتًا طويلًا. فمثلًا اتفاق مياه نهر ميكونج في آسيا والذي يضم أربع دول فقط هي فيتنام، وكمبيوديا، ولاوس، وتايلاند، استغرق التفاوض أكثر من عشرين عاماً حتى توصلت الأطراف لاتفاق مبدئي وقس على ذلك اتفاقيات أنهر أخرى في العالم كثيرة. - هل توجد جهة تتخوف من إنهاء الملف باتفاق نهائي؟
ما نعلمه أن الأطراف الثلاثة تتفهم ضرورة الوصول لاتفاق شامل ونهائي حول الملء الأول والتشغيل السنوي لسد النهضة. - هل كان السودان سيوقع على الاتفاق لولا ضغط الشارع؟
ليست هنالك اتفاقية مكتملة بين الأطراف الثلاثة ليتم التوقيع عليها. هناك مسودة اتفاقية تم إعدادها بواسطة اللجنة المكونة من الأطراف الثلاثة، وتم التفاوض والاتفاق على معظم بنودها في الاجتماع قبل الأخير في منتصف فبراير بواشنطن، وتبقى القليل الذي يحتاج للمزيد من النقاش في الاجتماع الأخير 27 و28 فبراير الماضي. ولم تشارك إثيوبيا وبالتالي لم يتم التفاوض أصلا بل قدمنا ملاحظاتنا حسب الاتفاق في الاجتماع السابق وموقف السودان واضح في هذا الصدد كما صدر في بياننا وهو عدم التوقيع إلا باتفاق الأطراف الثلاثة.
السودان قدم ملاحظاته في المسودة حسب اتفاق اجتماع منتصف فبراير بأن تقدم جميع الأطراف ملاحظاتها في المواضيع التي لم يتم الاتفاق عليها، علما بأن الاجتماع الأخير لم تتم فيه أي عملية تفاوض وذلك لغياب طرف من أطراف التفاوض الثلاثة.
وموقف السودان من التوقيع واضح وثابت منذ بداية هذه المفاوضات، باعتبار أن المفاوضات ثلاثية وينبغي الاتفاق والتوقيع من قبل الأطراف الثلاثة، وبالعكس الشارع السوداني كان دوما داعما للموقف التفاوض السوداني الذي يعمل على حماية مصالحة الاستراتيجية.
- في ديسمبر الماضي وخلال اجتماع الأطراف الثلاثة بالقاهرة حول سد النهضة قدم السودان مقترحًا بشأن الملء الأول والتشغيل السنوي للسد، وبعدها بشهر تم إدخال تعديلات على المقترح، وصفت من قبل الخبراء بأنها جاءت مفصلة لمصلحة الجانب الإثيوبي، كيف ترد؟
نعم السودان في ذلك الاجتماع قدم مقترحًا متكاملاً حول الملء والتشغيل السنوي لسد النهضة، وبعد ذلك قدمت الدول الأخرى مقترحاتها وكما هو متوقع في أي عملية تفاوضية لابد من إجراء بعض التعديلات هنا وهناك للوصول لنقطة يمكن الاتفاق عليها، ولا نريد الخوض في التفاصيل الفنية للمقترح ولكنها بصفة عامة تغطي عمليات الملء والتشغيل خلال السيناريوهات الهيدرولوجية المختلفة للنيل الأزرق، كما يغطي المقترح سلامة التشغيل وبالتالي سلامة السدود السودانية وآلية تبادل البيانات الخاصة بالتشغيل اليومي وآلية فض النزاع إن حدث.
الإثنين 13 أبريل 2020