إدوارد لينو .. ثورجى حكيم ومقاتل من أجل الحرية. رجل استثنائى ذو ذكاء سياسى حاد. كانت عينه على المستقبل، فحمل البندقية والقلم معاً، اما البندقية فقد مرغ بواسطتها انف جيش الكيزان الجهادي، وحرر بها بلده بعدما تلاشت فرص بناء سودان موحد بأسس جديدة على أنقاض دولة الأبارتايد الظالمة، اما القلم، فقد كتب به شعره الرقيق الى جانب الجواهر والدرر من النثر التى يحتفى بها ابناء أفريقيا، من جمال. حظى أننى رافقته على مدى شهور فى العام 2004 عندما استقرّ فى القاهرة بصورة مؤقتة . وقد وجدته كغيره من رجال الانتيل بوصفه رئيساً سابقاً لمخابرات الحركة الشعبية لتحرير السودان متحفظاً فى بعض الأمور الحساسة، لكنه كان سخياً عندما يتعلق الامر بالموضوعات التى يختارها هو للحديث عنها.
وفى كل الأحوال قدرت ادأنه يريد دعمى، وهو إلى جانب البروفيسور تيسير محمد احمد والدكتور الشفيع خضر من كبروا عدسة عينى لقراءة السياسة السودانية وتحليلها.
قدم إدوارد لينو تضحيات خارقة لكى يخلق لشعبه حياة أفضل . ولكى تنطلق أجياله الجديدة نحو المستقبل بلا قيود أو هيمنة من أحد . فى سجله سيقرأ القادمون انه تميز بعزة النفس ونبل المقصد، وسيدرس الافريقانيون سيرته على أنه أمير كوشى قادته حرارة قلبه لكى يتمرد ضد الظلم والعنصرية، ويرمى بقوسه أحداق الطغاة، وسيقرأ أولاد وصبايا القارة أشعاره بانبهار .
اما نحن فلا عزاء لنا، سنظل نتنفس رحيق ذكرياته العطرة.
راى لينو قبل رحيله غروب شمس الأحلام فى الجنوب وفى الشمال. لا ميرى ارتاحت ولا عشة اطمأنت ولا النيل الذى ارضعنا بكاسات المنى استطاع أن
يمسح الحزن من الوادى،. وأدت القبائلية فرحة الجنوبيين بالاستقلال، وأجهضت النخبة السودانية حلم السلام احد شعارات الثورة عندما وضعت سبعة بعثيين فى قيادة الحرية والتغيير، لكى يراوغوا المهمشين فى موضوع الهوية باسم المركز العروبى العجوز ، ورغم ذلك، فإن شعلة ادوار لينو لن يخبو ضوؤها، سيتلقفها أبناء شعوب السودان الذين يستمدون الضياء من شمس الإله رع !!