لم يشأ فارس النضال الحقوقي والسياسي السوداني فاروق أبو عيسى أن يترجل عن صهوة نضاله إلا بعد أن أكملت ثورة السودان عاما كاملا ، محتفلا بسقوط ثالث الإنقلابات العسكرية التي قاومها بشكل كبير منذ نعومة أظفاره ، وسيذكر له التاريخ أنه استطاع أثناء ثورة الشعب السوداني على الفريق إبراهيم عبود 1964 أن يحث السودانيين عبرالاذاعة السودانية على الخروج لحماية ثورتهم في ليلة عرفت بليلة المتاريس، واستجابت الجماهير لندائه، وزحفت إلى القصر الجمهوري، وحمت بأجسادها ثورتها الوليدة، وكان ذلك التكنيك سببا في نجاح هذه الثورة، والثورات التي تلتها.
التحق أبو عيسى بالنضال الوطني مبكرا وهو في السابعة عشرة من عمره، وشارك في مقاومة الاستعمار، وفصل من المدرسة، ثم التحق بعد ذلك بكلية الحقوق بجامعة الإسكندرية التي تخرج منها عام 1957، وفي عام 1983 فاز بمنصب الأمين العام لاتحاد المحامين العرب ، الذي ترأسه 3 دورات، وكان معارضا جسورا وشرسا لنظام الرئيس السوداني المعزول عمر البشير، وتعرض لاعتقالات متوالية، ولعب أدوارا بارزة في مسيرة النضال في السودان الحديث، كما خاض العديد من المعارك لدعم القضايا العربية وتأسيس حركة حقوق الإنسان في منطقتنا، ودعم القضية الفلسطينية، وفي عام 1956 أثناء العدوان الثلاثي على مصر جاء إليها ضمن المتطوعين للدفاع عنها، وفي عام 1982 اخترق الحصار المفروض على الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وأسهم في خروجه.
سأظل أذكر لأبو عيسى دماثة خلقة وتواضعه وبشاشته، وكان بحق شخصية كبيرة لطيفة ترفع الحواجز وتحتوى الآخر، وتسبغ المودة حيثما وجدت في الخاص والعام، رحمه الله على كل ما قدمه لوطنه وأمته والإنسانية.
نائب رئيس تحرير “الأهرام”