من قلعته الحصينة كاودا أعلن الكمندر عبدالعزيز الحلو قائد
الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال عدم ممانعته في تعيين حكام ولايات مدنيين في المرحلة الراهنة ،وهو ما يمثل ضربة قوية جدا لممانعات الجبهة الثورية التي تضم الفصيل الآخر من الحركة الشعبية بقيادة مالك عقار وياسر عرمان .
بهذا يكون لكل طرف من اطراف الحركة الشعبية مواقف تفاوضية لينة وأخرى متشددة ، حركة عقار وعرمان لا تدعو إلى تقرير المصير ولكنها تتشدد في موضوع الولاة وتمنع تعيينهم قبل تحقيق اتفاقية السلام . حركة الحلو لا تمانع في تعيين ولاة مدنيين بل تراه جزء لازم من شروط تحقيق مدنية الدولة التي نادت بها الثورة ، في الجانب الآخر تتشدد حركة الحلو في دعوتها لتقرير المصير وفي دعوتها للعلمانية وترى ان تحقيق احدهما هو شرط لازم للسلام .
الخلاف في المواقف بين الحركتين ليس جديدا ، فأساس انقسام الحركتين في ٢٠١٧ كما أشار إلى ذلك مجلس التحرير لحركة الحلو في أسباب إقالة مالك عقار هو عدم تضمينه لمبدأ حق تقرير المصير في المفاوضات مع حكومة المخلوع ، واستند مجلس التحرير على أن هذا حق اتفق عليه في مؤتمر كاودا ٢٠٠٢ ، وهو ما ضحده لاحقا القيادي بالحركة الشعبية تلفون كوكو .
الموقف الجديد المعلن من عبدالعزيز الحلو قد يقود الى تلين موقف الجبهة الثورية من قضية تعيين الولاة ، حتى لا تظهر أمام الشعب والرأي العام كمن يبحث عن المشاكل والاحتقانات ، خاصة وأن تجمع المهنيين أعلن انحيازه لخيار المضي قدما في تعيين ولاة الولايات المدنيين .
قد لا تبادر الحركة الشعبية جناح عقار بتقديم تنازل في هذا المجال ، وبالتالي على وفد التفاوض الحكومي طرح الأمر بصراحة، ومطالبة الجبهة الثورية بحذو حذو عبدالعزيز الحلو ، وتجاوز المطبات التي تواجه السلام، والاتجاه مباشرة إلى السلام نفسه ، وتحصينه بالقوانين والإجراءات التي لا تجعل هناك خوف من تعيين ولاة الولايات المدنيين الان .
الوفد الحكومي الآن يمثل الثورة والشعب ، عليه ان يرسل التطمينات اللازمة لحركات الكفاح المسلح بأن ثورة ديسمبر هي ثورة الجميع و ان الوطن وطن الجميع ، و
أن حسم قضايا السلام والحكم و المركز والهامش يلزمها ان تطرح امام جميع السودانيين في مؤتمر دستوري و مؤتمر للسلام و التعايش لا يستثنى منه احد ، يعالج بصورة منهجية كل أزمات البلاد التاريخية ويتكاشف فيه السودانيين بكل صراحة و يعيدوا فيه وحدة بلادهم على أسس صحيحة وجديدة تمهد لشراكة متساوية بين جميع ابناء وبنات السودان في كل بقعة من تراب الوطن ، لا تفريق بينهما ولا تمييز باسم الدين او العرق أو اللون أو الجهة .
ثورة ديسمبر وحدت وجدان شعب السودان ، في الشمال والجنوب والشرق والغرب ، وبالتالي قادرة على توحيد إرادتهم للاتفاق حول معالجات تاريخية لمشاكل الحرب و السلام ، تضع حدا للالام و الاقتتال الكارثي بين أبناء الوطن الواحد ، و تفتح الباب لنهضة وطن متعدد و متنوع ، ثراءه في تعدده و قوته في تنوعه .
sondy25@gmail.com