قرأت في الميديا الكثير عن فوائد الملوخية . ولم أهتم كثيرا لما قرأت ، فانا مثلي مثل كل السودانيين التهم الأكل لطعامته ولذته ولا أهتم بتفاصيل جودته الغذائية . ولأني أعشق الملوخية مفرومة أو مطبوخة ، فلا أقبل فيها نقدا أو اتهاماً اللهم إلا إذا طبختها يد مرتجفة لا تجيد الطبخ .
وتوقفت هذه الأيام وأنا أراقب حركة الناس واهتمامهم بتكديس المواد الغذائية وطمعهم الغير محدود تجاه التخزين حتى لو لم يكونوا يملكون تكلفة ما يهمّون بتخزينه . وتذكرت أني طلبت من أهلي بالجزيرة أن يزودوني بكمية معتبرة من أم تكشو ( وهي للذين لا يعلمون عبارة عن ملوخية مجففة وفي الغالب من الملوخية الخلوية الطبيعية ). قامت أمي الله يديها العافية ، بجمع كمية من الملوخية ونظفتها وجففتها ، ثم أحالتها بيدها إلى ما يشبه البودرة وعبأتها في قوارير ، فوصلتني سالمة كاملة .
امتعضت زوجتي لحظة استلامنا أم تكشو ، وقالت : ياخ الخدرة دي مالية السوق ‘ إنت داير بيها شنو المجففة دي . المهم أنها وضعت الكيس بكامل قواريره داخل الفريزر ، ونسينا الموضوع. لكن النصيب لا يعرفه ولا يقدّره أحد . والتحق بمزرعتي عاملان اتفقت معهما على زراعة الخضروات. وكان من ضمن اتفاقنا أن اوفر لهما بعض المواد الغذائية ، وطبعا ليس من بينها الملوخية لأنهم سيزرعونها. فتذكرت أم تكشو المخزّنة في الديب فريزر ، وفورا سألتهما إن كانا يعرفانها . فردّا إيجابا . فقلت : عندي في البيت ، وإذا أردتما فسآتيكما بها . وفعلا كنت آخذ قارورة أو قارورتين في كل مرة يطلبان فيها المزيد . وكانا يطبخانها بالعدس ، فتخرج شهية وطيبة وأجزم أنها مغذية . واستمرت معهما حتى أصبحت لديهما ملوخية طازجة ، لكن يبدو أنهما أدمنا أم تكشو فظلا يطلبانها باستمرار حتى نفذت عن آخرها .
ومثل فكرة أم تكشو توجد أفكار سودانية كثيرة وأغلبيتها عديمة أو قليلة التكلفة . فيمكن تجفيف البامية ، والطماطم ، وكل أنواع البقوليات ، وحت البازنجات شاهدته مجففا في المعرض الزراعي. وغالبية الساكنين في أطراف المدن وبعض الذين يسكنون قلبها ، كلهم من أصول ريفية ، ويعرفون الكثير من الثقافات الغذائية المحلية في مناطقهم. فلماذا لا نستفيد من هذا الإرث ،ونخفف من التزاحم على المواد الغذائية المصنّعة ، ونخفف على أنفسنا تكلفة المعيشة .