توفي مساء الأربعاء (22 أبريل 2020م) المفكر والسياسي والدبلوماسي الدكتور منصور خالد بمستشفى علياء التخصصي.
ولد الدكتور منصور خالد بحي الهجرة في أمدرمان في يناير من العام 1931 م، ويعدّ أمدرمانياً مطبوعة، إذ إنه سليل أسرة أمدرمانية عريقة، فجده متصوف مالكي هو الشيخ محمد عبد الماجد، وهو شقيق لجد منصور لأمه الشيخ الصاوي عبد الماجد، الذي كان قاضياً شرعياً، وعمل في تدريس الفقه.
وتلقى الفقيد جميع مراحل تعليمه حتى المرحلة الجامعية بالسودان، فدرس الأولية بأمدرمان، ثم مدرسة أمدرمان الأميرية الوسطى، ثم مدرسة وادي سيدنا الثانوية العليا، ثم كلية الحقوق جامعة الخرطوم والتي زامله فيها الدكتور حسن الترابي، ورئيس القضاء الأسبق خلف الله الرشيد، ووزير العدل الأسبق عبد العزيز شدو.
وحصل منصور خالد على الماجستير في القانون من جامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية، والدكتوراه من جامعة باريس.
عمل فترة قصيرة بالمحاماة، ثم عمل بعد ذلك سكرتيراً لرئيس وزراء السودان عبد الله بك خليل(1956-1958م)، وانتقل بعدها للعمل بـالأمم المتحدة في نيويورك، ثم منظمة اليونسكو بباريس، وعمل استاذا للقانون الدولي بجامعة كلورادو بالولايات المتحدة.
بعد قيام ثورة مايو 1969م بقيادة العقيد جعفر نميري اشتغل وزيراً للشباب والرياضة والشؤون الاجتماعية، وشهدت قطاعات الشباب إبان وزارته نهضة كبرى تمثلت في تفعيل الشباب في الخدمة الطوعية (صيانة الطرق، وبناء المشافي والمدارس الخ)، وفي إنشاء مراكز الشباب، ومراكز التأهيل، ومحو الأمية.
وأسهم خالد في إيجاد علاقات قيمة ومفيدة مع (هيئة اليونسكو، ومنظمة العمل الدولية، وحكومات مصر والجزائر وكوريا الشمالية، وأقامت الوزارة عدداً من المهرجانات الشبابية، وأنشأت قصور الثقافة، واستقال من الوزارة في أغسطس 1970م، بسبب ما رآه ى صراعات أيدلوجية أنهكت النظام.
بعد استقالته من الوزارة عمل ممثلاً لمدير عام هيئة اليونسكو “رينيه ماهيو” ضمن برامج التعليم لهيئة غوث اللاجئين الفلسطينيين، وعاد بعد ذلك ليعمل سفيراً للسودان بالأمم المتحدةـ وقد عمل وزيراً للخارجية وللتربية ، ثم مساعداً لرئيس الجمهورية.
استقال من المكتب السياسي وخرج من (نظام مايو)؛ بحجة تغول الرئيس نميري على المؤسسية في الدولة، فعمل بعد ذلك زميلاً في معهد ودرو ويلسون بمؤسسة اسمثونيان بواشنطن عقب تركه السودان في عام 1978 م. وشغل موقع نائب رئيس للجنة الدولية للبيئة والتنمية التي أنشأتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1982م، ومقرها جنيف.
ألف عددا من الكتب حول السياسة السودانية باللغتين العربية والإنجليزية، كما نشر كثيراًمن المقالات في الدوريات الدولية عن قضايا التنمية والسياسة في العالم الثالث.
عاد إلى السودان في اعقاب الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بنظام النميري في 1985. لم يمكث سوى أيام معدودات، وغادر لينضم إلى «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، مستشاراً لزعيمها جون قرنق.
في أحد حواراته الصحفية الأخيرة، قال: “أريد مسح “الانفصال”من تاريخ أالسودان، تاريخنا، لأنه ما كان يجب أن يحدث مطلقاً. عندما استقل السودان كان مطلب الجنوبيين “الفيدرالية” ولو وافقناهم عليه لما حدث الانفصال، أضاع الساسة الوقت والفرصة بـ(الغلاط) في الفيدرالية”.
ومن أهك مؤلفاته: حوار مع الصفوة، ولا خير فينا ان لم نقلها، والسودان والنفق المظلم: قصة الفساد والاستبداد، والفجر الكاذب، وجنوب السودان في المخيلة العربية، والنخبة السودانية وإدمان الفشل(من جزأين)، والسودان: أهوال الحرب.. وطموحات السلام (قصة بلدين)، و(الثلاثية الماجدية): صور من أدب التصوف في السودان.