في البداية لابد من القول ان تجميد نشاط حزب الامة داخل قوى الحرية والتغيير يسبب ارباكا شديدا في المشهد العام ومهما اختلف البعض فلا ينكر الا مكابر ضرورة وجود هذا الحزب الكبير ذو التاريخ الطويل في النضال داخل منظومة قوى الحرية وبقاءه لا يزيد قوى الحرية الا تماسكا وقوة والعكس صحيح تماما .
ورغم ذلك هناك غموض شديد يكتنف هذا الموقف المفاجيء لهذا الحزب العريق ومما يزيد الموقف غموضا هذا التماهي اللامحدود بين موقفي حزب الامة والجبهة الثورية من قوى الحرية والتغيير !!!
وحتى لا نرمى الكلام على عواهنه يمكن لاي متابع ان يضع امامه بيان حزب الامة وبيان الجبهة الثورية ويعقد مقارنة موضوعية بين البيانين سيكتشف هذا التماهي الذي اتحدث عنه .
مثلا بيان حزب الامة يقول في احدى فقراته ما يلي :-
( المطلوب بإلحاح العمل من اجل تكوين اصطفاف تشترك فيه القوى السياسية المدنية الجادة وتشترك فيه لجان المقاومة المستعدة لدور بناء بعنوان مؤتمر القوى الجادة)
تعالوا لنقرأ معا فقرة من بيان الجبهة الثورية .. الفقرة تقول ما يلي :-
( سنتعامل بصورة مباشرة مع لجان المقاومة والشارع ومجلسي السيادة والوزراء فيما يخص الشأن العام دون الوقوع في فخ محاصصات قوى الحرية والتغيير بالخرطوم ) .
قارنوا الفقرة اعلاه من بيان الجبهة الثورية مع الفقرة التالية من بيان حزب الامة ..الفقرة تقول ما يلي:-
( يوجب علينا العمل من اجل تحقيق التطوير والاصلاح المنشود مع كافة الجهات الوطنية من قوى التغيير والحكومة التنفيذية والمجلس السيادي بشقيه العسكري والمدني)
اعتقد الان وضح للجميع مدى التوافق بين بياني حزب الامة والجبهة الثورية .. وهناك مشتركات اخرى لم اذكرها منها مثلا ان المصفوفة المتفق عليها بين مجلسي السيادة والوزراء وقوى الحرية لم تجد القبول لا من حزب الامة ولا من الجبهة الثورية .
هناك نقطة اخرى جديرة بالتوقف عندها والتأمل طويلا ..وهي ان حزب الامة والجبهة موقفها داعم للمجلسين السيادي والوزاري !!! وحزب الامة والجبهة ايضا يعملان الف حساب للجان المقاومة ووضح ذلك جليا من انهما يسعيان لكسب ود هذه اللجان واحيانا يعملان لابعاد هذه اللجان لتكون بعيدة من قوى الحرية والتغيير .
واتمنى ان لا تنجح هذه المساعي لان ذلك لو حدث فهذا يعني دق اول مسمار في نعش قوى الحرية والتغيير وبالتالي في ثورة ديسمبر برمتها .
وانا اتمنى صادقا ان تكون لجان المقاومة بعيدة من كل المناورات السياسية من اي حزب كان او جهة وان تتمرس فقط حول ثورتها مهما تشاكست احزاب ومكونات قوى الحرية والتغيير فلتبقى لجان المقاومة بعيدة من هذه المساومات لان هذه اللجان هي قلب الثورة النابض .
اعود لموقف حزب الامة وادعوه ان يتخلي عن فرض الامر الواقع لان الحزب قدم رؤية معينة وامهلهم اسبوعين اما بقبول طرحة او خروجه من قوى الحرية ولا اعتقد ان قواعد الديمقراطية تجيز او تقبل مثل هذا الطرح ( يا فيها يا نطيفيها ) .
ولا نريد ان نذكرهم بمواقف شبيه للحزب الشيوعي كان يرفض بعض قرارات او مواقف قوى الحرية ولكنه مرغما يوافق نزولا لرأي الاغلبية ثم يخرج ببيان يوضح رأيه وكنا ومازلنا ننتقده في هكذا موقف . وأنتم الان تأتون بموقف أسوأ من مواقف الحزب الشيوعي .. أنتم تقولون اما ان تقبلوا طرحنا او سنفارقكم !!!
اتمنى صادقا ان يراجع حزب الامة موقفه وان لا يزيد الوضع المعقد اصلا … ان لا يزيده تعقيدا فعربة الثورة تمر الان بمنعطفات خطيرة واي انعطافة غير محسوبة بدقة قد تقلب عربة الثورة وعندها سيدفع الجميع ثمن هذه الانعطافة الخطيرة .
مازال الامل معقودا على الامام الصادق وبخبرة السنين الطويلة وبحنكته وحكمته المعهودة اننا سنتجاوز هذا المطب .
حمى الله وطننا من الكورونا وامور السياسات المتقلبة