صدقوني أني لا أعرف من هو والي ولاية الجزيرة. لكني عصر اليوم اتصلت لأسلم على الوالدة ومن معها. فنقلت لي صورة مأساوية عن حياتهم هناك. وأنا الآن أكمل سنتي الخامسة عشرة بعد عودتي من غربتي، لم يحدث أن شكت لي أمي مثل هذه الشكوى. بدأت الشكوى بكلام غريب، قالت: حكومة أصحابك دي ما فعلت بينا خير. ولم أكن أعلم أن الحكومة حكومة أصحابي. وطبعاً هي تقصد صديقي محمد يوسف أحمد المصطفى، فهي تعرفه تماماً، وقابلته مرة أو مرتين، وتعرف علاقته بالحرية والتغيير، وبتجمع المهنيين.
قلت ما الذي يحدث يا حاجة؟ قالت والله موية ما عندنا، وكهرباء ما عندنا، وغاز ما عندنا، والملاريا داهجنا دهج.
قلت يا والدة كويس ما عندكم كورونا. قالت: الكورونا أخير من النحن فيهو ده.
ا والي الجزيرة ، بالرغم من أني لم أسجل لك أي حركة تخص المشروع، لا في خريفه ولا شتائه، فإني أفترض أنك تنتمي إلى الثورة، ولا يمكن أن تتحول إلى شخص يحرّض ضد الثورة. والتحريض بالفعل أكبر من التحريض بالقول.
لقد أغضبني جدا أن لا تجد أمي الثمانينية ماء باردا تشربه، ولا تجد ماء تتوضأ به، ولا غازاً تطهو به حلة ملاح شرموط، وفي عز الحر لا تتحرك مروحتها الواحدة التي تجتمع تحتها كل الأسرة التي جمّعتها أمي بعد أن تباعدنا نحن أولادها.
يا سيادة الوالي هذا الكلام لم يحدث من قبل ولا حتى في النظام البائد، وهو يحدث اليوم في منطقتنا في غرب الجزيرة. كما رويته هنا تماماً. إذا لم تستطع يا سيدي الوالي أن تدير الولاية وأن تقدم أبسط الخدمات لأهلها فاترك الكرسي حتى لو يظل خالياً. وإلا فيجب عليك أن لا تنام مطلقاً حتى تعيد هذه الخدمات الضرورية إلى أهلنا، وهم مهما جنحوا للسلم وصبروا فإن لصبرهم حدود . وإن لم ندعمهم ونقف معهم فلسنا منهم.