الوزراء الذين جاءت بهم الثورة ، بعضهم معروف انه ثوري ويعرفه الناس في السجالات النضالية مع الإنقاذ، بينما هناك وزراء لم يسمع بهم احد ولم يراهم أحد وظهروا فقط بعد تقلدهم منصب الوزارة ، وفي كلا الحالتين لا يملك احد من هؤلاء الوزراء حصانة او قداسة تجعله فوق النقد وفوق التصحيح .
بعض الوزراء ثارت حولهم هالة من القداسة لا تعرف من أين مصدرها ، وبعضهم حظى بحب الناس بلا جهد يذكر ، وبعضهم حظي بالكره والكره الشديد لدرجة خروج مواكب تطالب باستقالتهم ، وهي كلها أمور مفهومة من جهة ان تقلد المنصب العام يجعل صاحبه في مرمى النيران .
قامت ثورة ديسمبر على الدكتاتورية والتي تعني ببساطة الانفراد بالسلطة والقرار ، وبالتالي لن يكون مسموحا اطلاقا في ظل دولة الثورة أن ينفرد وزير او مسؤل بالقرارات وكأنه ( فريد زمانه ) ، وليس مقبولا من الوزير ان يقيل ولا يقيل بالمزاجات والأهواء الشخصية ، بل ليس مقبولا اطلاقا ان يقيل وزيرا شخصية مشهود لها بالثورية لمجرد الاختلاف معها في الرأي ، هذه الممارسات تجعل من الثورة كأنها لم تكن وتجعلها كمن يستبدل دكتاتورا بدكتاتور ، وينطبق عليها مثل ( الثورة تأكل أبناءها ) .
الجماهير عليها ان لا تلبس الوزراء هالة من القداسة ، وتصفق لهم ان أحسنوا وإن أساءوا، فالوزير في حكومة الثورة هو مجرد موظف مكلف من قبل الثوار لاجل وظيفة محددة ، يؤديها في جماعية وشراكة مع جميع الثوار تماما كما كان عليه الوضع أيام الثورة ، حيث يقوم كل شخص بدوره ، وبعد انتهاء أجل التكليف يذهب من حيث أتى ، ليس مسموحا اطلاقا للوزير ان يظن أنه مخلد في هذه الوظيفة وأن يده مطلوقة ليفعل ما يشاء ، وبنفس المقدار ليس مسموحا للوزير ان يقرب بطانة دون أخرى من الثوار ، فهذه جميعها ممارسات لا تشبه الثورة ولا تخدم المرحلة ، ولن يسكت عليها أحد .
يعلم الجميع الظروف الحرجة التي تمر بها البلاد ويعلم الجميع الواقع الاقتصادي الصعب الذي تعاني منه الدولة ، ولكن كل كذلك ليس مبررا للقبول بالتجاوزات من الوزراء ، ولا مدعاة للسكوت عن الخطأ من قبل بعض الوزراء ، بل مطلوب جدا النقد والمواجهة مع هؤلاء الوزراء ، خاصة من الأجسام الثورية التي قادت الثورة ، والعمل معهم على معالجة الأخطاء وعدم تكرارها ، وإذا رفض الوزير وظن انه فوق النقد والإصلاح على الجهات الثورية ان تخرج بالحقائق للجماهير لا ان تكتمها ، السكوت عن تجاوزات وزير ستجعل من الوزير فرعون جديد ، وهذه الثورة جاءت لدك الفراعين وإنهاء عهد الانفراد بالقرار والسلطة إلى الأبد .
sondy25@gmail.com