عندما يتحرّك احمد عبد الرحمن محمد في أي مشوار فاعلم أن هناك كارثة في الطريق..! هذا الرجل وصاحبه عثمان خالد مضوي لم يتحركا عندما مات مئات الشباب، ولا عندما تم فصل الجنوب، ولا عندما دشنت الإنقاذ محرقة دارفور، وأشعلت النار في جنوب كردفان والنيل الأزرق ووزّعت المذابح على جغرافية الوطن، ولا عندما جرى انفصال الجنوب، ولا عندما تم سحق الطلاب في العيلفون، والشباب العزّل في الخرطوم، والمعتصمين أمام القيادة العامة بالحرق والدهس والإغراق والإلقاء ببعضهم أحياء مكبلين بالحجارة وبلوكات الاسمنت، ولم تحركهم حتى جائحة كورونا.. ولكنهما خرجا الآن بسبب إغلاق مكاتب منظمة الدعوة الإنقاذية حاضنة بيان الشؤم والتي كشفت التحقيقات عن ملكية قياداتها لعشرات الأراضي والأصول وقالوا إنها من مالهم الخاص..! طيب لماذا لم تتبرعوا بقطعة واحدة لتوسعة (دار المايقوما).. ما دام الأمر أمر دعوة ومنظمة ومرحمة وإنها لله وليس للجاه والتحويش..!
ما مرّت (زنقة) بالإنقاذ في طول عهدها الأغبر إلا وأخرجوا احمد عبد الرحمن محمد وإذا به (يلف شاله) ويتجه لجولة بين القوى السياسية بذريعة (الحوار الوطني والتلاحم القومي) من باب التغطية والتمويه.. وقد كان الأمر أشبه بالملهاة عندما كانوا يحاولون تقديمه في زي الرجل القومي (وما هو بذلك)…! هذا الرجل من المسؤولين الكبار عن كل ما فعلته الإنقاذ بالبلاد، وهو من قادتها (الرواد) الذين خططوا لانقلابهم المشؤوم وظل في موقع المسؤولية المباشرة مع رفقائه عن كل ما جرى من أزمات ومحارق وخطايا ومصائب.. وظل يبذل كل ما يستطيع من أجل حماية الإنقاذ وتبرير كوارثها والتغطية على جوائحها بأحاديث لا تنطلي على احد؛ فقد تم تقسيم الأدوار بحيث أوكلوا إليه (اصطناع الابتسام) وطق الحنك عن جمع الصف الوطني ورعاية صداقة الشعوب.. وهو يعلم أن جماعته هي التي مزقت الوطن وهلهلت علاقاته الخارجية مع الدول والشعوب إلى أن قيّض الله للثورة المجيدة أن تزيل هذه البلوى وزبانيتها..!
ماذا في (ذاكرة السودانيين) من آخر نشاط أو حدث قام به أحمد عبد الرحمن أو رفيقه عثمان من اجل الوطن أو من أجل أي منفعة عامة..؟! ولماذا بعد كل ما جرى في الوطن لم يتحركا إلا الآن للبكاء على حل منظمة الدعوة التي لا يهمنا ما تصنع خارج الوطن؛ ولكن وجودها هنا في السودان لم يجن منه السودانيون سوى دعم باطل الإنقاذ وتسويد حياة السودانيين وجمع المال والأراضي ورعاية الانقلاب بل المساهمة المباشرة فيه (من قولة تيت).. حتى أن رئيسها السابق الراحل عبد الرحمن سوار الدهب عليه الرحمة لم يحفظ استقلالية منظمته بل كان داعماً للإنقاذ ومنادياً بإعادة ترشيح البشير ولاية بعد ولاية.. وكان يركب الطائرات مصاحباً لحملات الدعاية للمخلوع في حين كانت البلاد تئن من وطأة الإنقاذ.. وكان يعلم أن المنظمة ما هي إلا ذراع للإنقاذ مثل منظماتها الأخرى (شريكة الإثم) وكان يعلم ما يجري داخل المنظمة ويعلم أن مكاتبها وإمكاناتها رهن سلطة للإنقاذ.. ولعل الناس يذكرون ما كان يجري داخلها عندما تريد الإنقاذ استبدال قياداتها (بمزاج مراكز القوى) فتحمل بعضهم إلى الرئاسة وتستخدم الترهيب لإبعاد آخرين.. فماذا كان موقف قيادات المنظمة العالمية أو المحلية..؟
لا أحد يعلم ماذا كانت تفعل في السودان ولا أحد يعلم شيئاً عن كشف حسابها وكيفية إدارة أموالها..! ولا (تفلقوا دماغنا) بأنها منظمة عالمية (أو مدارية).. فما يهمنا ما تفعله هنا في السودان..! ولن ينسى السودانيون فعائل هذا المنظمة التي جعلت من اللافتة الدينية غطاءً لفساد ما انزل الله به من سلطان.. فلتذهب مع الإنقاذ إلى مكب النفايات.. ولا شفاعة لها إلا من المنتفعين منها..!
الآن فقط خرج الرجلان من القمقم يتحدثان عن المنظمة البريئة ويتظلمان من إزالة التمكين الذي رتعت فيه الانقاذ وجماعتها ثلاثين عاماً فاغتنوا وأفقروا البلاد ودمروا حضرها وريفها و(نشفوا ريقها) ..! ويمكن أن يفكر الإنسان في (مليون احتمال) لتحرك هذين الشخصين من غير احتمال واحد بأن يكون من أجل مصلحة السودان..! ومن الغريب أنهما لم يقولا كلمة واحدة حول ما تم كشفه من فساد رفقائهم قادة الإنقاذ الأبرار ومستخدميهم الكبار الذين ضبطوا لديهم ملايين الأفدنة وعشرات المليارات والعقارات والشركات.. فما رأيكما دام فضلكما؟ هل الإنقاذ فاسدة أم شريفة؟ هل رئيسكم وجماعته أكلوا أموال الناس بالباطل أم أنهم أبرياء؟ هل ما يحدث من امتلاك رموز إنقاذكم للأراضي والأصول والأموال جرائم.. أم أنها ملكيات خاصة (من عرق الجبين)..؟!
ما صنف هؤلاء البشر؟ وما الذي يهم احمد عبد الرحمن وعثمان خالد من مشاكل السودان ومستقبله؟ وهل خرجا غضباً على الوطن أم غضباً على تهاوي التمكين ومنظمة الدعوة الإنقاذية..؟! تحرك هذين الرجلين ليس أكثر من محاولة للالتفاف على ثورة الشعب وتسميم الأجواء.. وحتى عندما خرجا من لقائهما برئيس حزب الأمة قاما بتزييف وقائع اللقاء حسبما ذكر الطرف الآخر..! وما كان أغنى الحزب والوطن عن هذا اللقاء حيث لم يكن من المأمول أن يحمل أي ذرة خير للسودان..؟! إن ما يقوم به أحمد عبد الرحمن محمد الآن هو (نسخة بالكربون) من كل محاولاته السابقة في (التغبيش) على مواقف جماعته واعتراض مسيرة التغيير.. ولكن الأمر الآن ليس كما كان في السابق؛ فقد انفضت اللعبة ومات الزمار.. ولن تستطيع هذه الحركات المكشوفة إنقاذ الإنقاذ من وحلها أو اعتراض مشوارها المحتوم إلى مزبلتها التاريخية…!
يا لخيبة مسعى من لا يهمه من جميع أحوال الوطن إلا منظمات الإنقاذ التي يجللها الفساد من قمة رأسها إلى أخمص قدميها…. ووالله العظيم لا نحب الحديث عن هذه الجماعة.. إلا أنهم لا يريدون أن يتركوا الناس في حالها بعد كل ما فعلوه..
الله لا كسب الإنقاذ..!
murtadamore@gmail.com