للقارئ الكريم أن يعتب علينا ان استهلكنا جزء من وقته الثمين في العودة الى (كلامات )الدكتور القراي وقد صرفنا بها إلى الخوض في قضايا ما كنا نود الخوض فيها حتى لا ننشغل عن أولويات شعبنا في هذه المرحلة الدقيقة من مسيرة ثورتنا المجيده…فهو أراد أن يضعنا كمن يدافع عن فرد لانه ظل يدافع عن محمود محمد طه ولكنا حاشى وانما نتكلم عن الوعي وندافع عن المنطق .. والمدرسة التي ننتمي لها تحتفي بالراي الاخر لايماننا بحرية الراي وحق الاختلاف في المنهج والوسيلة وكم سودت مقالات بعض الكتاب الصحف مدحا أو نقدا لحزب الامة وزعبمه ولا نعترض على ذلك مادامت متسمة بالموضوعية وذلك طبيعي ودليل على حيوية الأفكار. لكن بالنسبة للدكتور القراي فالأمر مختلف. إذ أن كتاباته مثقلة بمفردات الكراهية والحقد و انحرافها للشخصنة ولا تقدم مقترحا واحدا لحل المشكل السوداني. فالرجل في فترة وجيزة قال انه كتب أكثر من عشرة مقالا كلها مركزة على الصادق المهدي وحزبه دون أن يقدم مقترحا واحدا لمعالجة مشاكل الوطن مما يعني أن حالته مرضية ولابد من معالجتها بالرد كأضعف الايمان ، وبكشف الحقائق وفضح الغرض .و للقارئ أن يتفهم لماذا الرد على الدكتور القراي دون غيره لهذا رأيت إكمال ما بدأت وباسم الله العظيم نبدأ ونستعين.
حاول الدكتور القراي أن يضع صورا شريره لرئيس حزب الأمة القومي. ولكنه بقدر ما سعى ظل دائما مثيرا للشفقه، إذ أن من يتحدى جبروت الانقاذ في أزمنة القمع والقبضه الخانقة، لا يُقبل عقلا أو منطقًا الطعن في مواقفه الوطنية أو النضالية وخاصة من “أولئك” الذين فاتهم أبداً شرف النضال وكانوا على الدوام يلتحفون عباءة الخوف والوجل من الشموليات. والذين يشهد عليهم سجل أسود في تعاونهم مع النظام المايوي القمعي، وهم يتقلبون مع تقلباته كالحرباء حين يستبيح دماء سودانين أبرياء في الجزيرة أبا وودنوباوي وقتل أسرى انتفاضة يوليو 1976 ودفن بعضهم أحياء .
نعم ان أعوان الظلمة تدور عليهم الدائرة وهكذا أجهز عليهم الوحش المايوي فعلق بعض من رهط القراي في الأعواد وولى البقية الدبر أو أعلنوا التوبة. ولهذا من يطارده سجله المخزي ينبغي أن يصمت وإلا تصفحنا عليه ملف تاريخه ونشرنا فيديوهات الاستتابة التي ادانوا فيها شيخهم بل اعترفتم فيها بأنكم كنتم كفارا فاعلنتم التوبة إمام قاضي المحكمة. وهنا نود تذكير الدكتور القراي أن من يؤمن بفكرة يموت من أجلها ولا يتراجع فأين أنت من ذلك!! نعم صدق من قال ان حلف “جماعة القراي”، كان في سبيل مصالح دنيوية رخيصة وهي الحقيقة العارية. فكان توظيفا للكوادر كما في حالة القراي في بنك الادخار وابتعاث آخرين للدراسات العليا على حساب عيش البسطاء ومعاشهم. فهل التاريخ مصاب بآفة النسيان ليأتي أمثال القراي، في زمن الغفلة ليقدم لغيره دروسا في النضال والبطولات وكل ما ينقصه؟ نعم انت بك انفصام .
علق الأستاذ علي سالم من مصر عن الانفصام بأن قال “أنا شخصيًا أمر بمرحلة تجعلني أحيانا اكون أقرب إلى لعب أدوار شريرة، كأن أفسد شيئًا أو أشياء في الاقتصاد في مصر أو ألعب دورًا ما معاكسًا، فأسعد بذلك. فهؤلاء الذين كانت طفولتهم بائسة ناقصة تتكون عندهم مثل هذه العقد و إن كبروا،
و السيد القراي في أغلب مقالاته يجسد هذا الدور. فمنذ توليه مسئولية المناهج ظل ينفث فيها عقده التدمير. فيتحدث تارة بشكل سالب عن حفظ النصوص القرآنية ليلعب دوراً معاكساً يحقق فيه حشر تفسير شيخه محمود محمد طه للاسلام. ولرسالته “الثانية” وأساطيره حول “القرآن المكي والقرآن المدني” والاستغناء عن سورة الأنعام لعدم الحاجة اليها .وفي ذلك لدينا الكثير الذي يمكن ان ننبه له عن خطورة القراي على المناهج لكن مؤكد ان من اؤتمن على تربية اولادنا بمؤسسات التربية والتعليم منتبها لخبث القراي ولا يحتاج إلى تنبيه.
إن كل من يحلل أدوات التفكير عند القراي يصل لهذه العقدة، عقدة الكراهية و الشر التي تحتل موقعا متقدما في كتاباته وتصريحاته. فهو عندما يستخدم شروره في الكتابة السياسية فإنه يجد فيها تعويضا عن رفض الشعب السوداني للفكر المحمودي. ومن المعروف أن العجز يدفع صاحبه احيانا لتوهمات تجعله يضع زيد أو عبيد من الناس كمحنة وذلك يجسد كارثة القراي، الذي ظل يعوض احتقانه وعجزه بتلفيق التهم والتهجم العشوائي. و هو في تهجمه يستخدم التلفيق لاقتيال الآخرين أو ان يكون وسيلة ليجمع من حوله من يراهم يكرهون المعاني التي يجسدها حزب الأمة والأنصار. لكن حين لا يحصل على نتيجة لا يكف وإنما يندفع بصورة مرضية في المزيد من التجني ونسج الأوهام كما سنرى في أقواله التاليه:
- اختزل القراي مذكرة حزب الأمة القومي لاصلاح قوى الحرية والتغيير في ابريل 2020 بعدم صبره على ثورة ليس له فيها ذكر !! هذا استنتاج بائس ولا يصمد أمام أي منطق، لأن رئيس حزب الامة هو من كتب رؤية كاملة مثلت خريطة طريق لمسار الثورة. فكيف يصبح ليس له و لحزبه ذكر؟ وكيف لا يكون له ذكر وهو من خط بيده صفحات ميثاق الخلاص الوطني في يناير، و ان حزبه أول من وقع على ميثاق تكوين الحرية والتغيير ولم يكن معه حينئذ إلا المهنيين ونداء السودان. واذا كان الأمر كذلك فكيف يستقيم أن ليس له ذكر !! وكيف حول القراي مطلب اصلاح الحرية والتغير وتفعيلها إلى تبرم من الثورة؟ وكيف يتبرم من ساهم في نسج الشراكة المدنية العسكرية للحكم الانتقالي، و قدم خطاب الثورة في يوم زفافها واحتفائها بالاتفاق على مؤسسات الحكم الانتقالي. ومن ذلك الخطاب يعرف موقع ودور الفاعلين في ألواح ثورة ديسمبر، فأين موقع الدكتور القراي من ذلك ؟.
- ثم اضاف الدكتور القراي سبباً آخر لمذكرة حزب الأمة للحرية والتغيير بقوله إن حزب الأمة يسعى للحصول على زعامة قوى الحرية والتغيير!! ما هي إذن الزعامة في ضوء ما أوردنا أعلاه؟ إذ لا يستطيع أحد أن ينكر أن كثير من أدبيات الحرية والتغيير ومؤسساتها واسمائها هي من نحت حزب الامة وأن أغلب توجهاتها وبرنامجها الاقتصادي وليدة أفكارة ومشاركة آخرين ولا تزال الحرية والتغيير تهتدي بمشورته ورؤاه من وقت لآخر.
ثم قفز القراي لكذبة مرضية أخرى بأن قال أن زعيم حزب الامة لا يريد محاسبة حلفائه التقليدين ويقصد جلاوزة النظام المباد. وهذا كلام لا يصدقه حتى نزلاء المستشفيات النفسية. والصحيح أن حزب الأمة ولتفعيل دور لجنة تفكيك التمكين وسلامة ما تقوم به من عمل كبير ، اقترح ترفيعها إلى مفوضية مع دعمها بقانونيين وخبراء لتقديم المشورة لها في كل خطوة لتفادي حدوث أي تجاوزات قد تنعكس سلبا على جذب الاستثمار للبلاد مستقبلا. ألم اقل لكم أن العجز يقود للتفسير الرغبوي والكذب المرضي! - وقاد العجز القراي للتدليس مرة أخرى بأن قال ان حزب الامة يتعجل الانتخابات ليصل للسلطه. وكأن القراى ناسك منقطع في كهف وليس ساعيًا بلسانه و بمناكبه، وحابيًا على ركبتيه لسلطة تمنح له بدون استحقاق انتخابي. ومع أن استنتاجه محض دس. لكن نقول له متى كان السعى للسلطة عيبا، إنما العيب في وسائل الوصول إليها. وحزب الأمة وسيلته للسلطة ظلت شريفة وعبر الانتخابات ولهذا فإن العار يطارد من يؤيد لانقلابيين وصلوا للسلطة باستباحة الدستور ودم الشرفاء.
إن عجز القراي قاده ايضا لكذبة لم يقل بها “عنقالي” فقد قال أن زعيم حزب الامة صمت عن نقد نظام البشير !! أظن القراي لم يقرأ أطروحة “الديمقراطية عائدة وراجحه”، وقد عادت، وكأنه لم يطلع على أطروحة “انقلاب يونيو1989 ونظامه في ألواح التاريخ” دعك عن مقالات فاضت بها صحيفة الشرق الاوسط ودعك عن “اتفاقية السلام في الميزان”. فمن ينكر ذلك يصح وصفه بعدم الأمانة. لأن العالم من شرقه لغربه يشهد لزعيم حزب الأمة بدور في إثراء الفكر، وأنه ابطل شرعية نظام الانقاذ وفند خطابه الاسلاموي. كما خاطب مرجعيات سنيه كبرى كالأزهر واستفتاه حول البيعة البعدية واليمين الغموس ونقض العهود وكثير من ادعاءات نظام الانقاذ الدينية.
- أما تقول الدكتور القراي حول اتفاق التراضي الوطني فإن التراضي الوطني يقع ضمن استراتيجية حزب الأمة “الحل السلمي القومي الديمقراطي” وهو تجديد لمضامين اتفاق جيوبتي. نعم لقد كانت التوقعات منه منخفضة. لأن نكوص النظام عنه راجح ، لكن كان رهان حزب الأمة في تبديد مصداقيه نظام الانقاذ. مما سيطعن في أي مسعى مستقبلي للنظام في المناورة لتقسيم المعارضة، ولهذا حين نكص نظام الإنقاذ على عقبيه، فقد خدم ذلك حزب الأمة في تحقيق هدفه بتسهيل جمع صف القوى الوطنية المعارضة. وهكذا تم تكوين نداء السودان الذي منع النظام من التسوق في صفوف المعارضة وإضعافها. و هنا كانت النقلة الكبرى عندما توحدت المعارصة المدنية والمسلحة تحت مطلب أساسي وهو الحل السلمي القومي الديمقراطي وهو المعنى الذي ورد حرفيًا في أول مذكرة سلمت لقادة انقلاب 30 يونيو عند اعتقال رئيس الوزراء الشرعي الصادق المهدي. فالسؤال الصحيح هنا هل قاد اتفاق جيبوتي أو التراضي حزب الأمة لمشاركة في النظام أم إلى تعزيز تكتيكاته في درب الحل السلمي؟ وللحقيقة والتاريخ لا يوجد أي حزب لم يشارك الإنقاذ إلا حزب الأمة القومي والمؤتمر السوداني فالتحية لهما على هذه المواقف الوطنية النبيلة.
وفي الختام أود إلتوضيح للدكتور القراي أن ما كتبته ليس اجتهاد فردي وإنما كان بعد التشاور مع احباب آخرين بعد أن فاض كيلك واقتضى الامر التوضيح و التصحيح .
وآخر الختام نطمئن الدكتور القراي أن حزب الأمة بانصاره وزعيمه جبل شامخ اشم لا يهتز وبطبيعة الحال لا ينحني ورغم صرامة ملامحه فإذا تمكنت من الصعود اليه ستجد فيه الحماية والأمان فمرحبا بك ..