برامج القنوات الغنائية برمضان تكشف أننا لم نردم الحفرة بعد ونزيل التشوهات.
لم نتمكن من غلق الباب بإحكام خلفنا.
وجوه المقدمين والمقدمات ذاتها، وثقافة الأداء النمطية.
نفس أجواء رمضان أيام الإنقاذ سيئة الذكر، التي كان أحمد بلال وزير إعلامها أحد ضيوف “أغاني وأغاني” ذات لقاء رمضاني.
نفس الجراح.
الثورة لم تقم ضد البشير في شخصه، بل ضد كل رمزيات الثقافة والإعلام الإنقاذيين، و قامت أيضاً ضد هذا النسق من الأفكار الإعلامية ذات الارتباط الوثيق بالأرض السياسية القديمة.
نحن في أرض جديدة تستدعي إعادة ترتيب المفاهيم عن الغناء نفسه بوصفه جزءاً من أعراض مؤسسة الدولة المركزية التاريخية، وأن ترسيخ وتكثيف الخدمة الغنائية كان جزءاً من سياسة إعلامية غاشمة رمت الى تخدير الناس وتحيدهم، وسحبهم من ميادين الفعل التغييري والأسئلة الجادة.
القاعدة الذهبية في دراسة الإستراتيجية والسياسات الإعلامية تقول كذلك بعدم وجودها وتوافرها دون وظائف ودون أغراض مباشرة وأخرى غير مباشرة.
يكفي ان برنامج “أغاني وأغاني” تم تسجيله ودماء الشهداء لم تجف بعد ايام الثورة.
هذه البرامج وهذه الوجوه التجارية الكالحة الملامح لم تكتب لكل الأوقات، ولم تقرر لنا في كل المناهج المختبرية السياسية، وهى وقبل كل شى قد تدرب أعضاء مجتمعها على المهنية، فتعلمت الحلاقة تحت أنظارنا، والآن تدعي أنها قومية وقدر ثابت من أقدار تاريخنا الإعلامي المجيد.
نعم أعني كذلك الصحفيين والمحللين والمذيعين و( الخبراء ) كذلك.
نعم نستطيع القول إن السر قدور وبرنامجه كمثال لتلك البرامج قدأدياً دورًا تقدميًا بتعريف الأجيال الجديدة بأساليب وتراث الغناء المركزي – غناء أهل الوسط والشمال، ولكن جاءت ظروف جديدة تتصل بلامركزية ثقافية مفترضة او يجب أن نصنعها بتشجيع كل المغنين من كل المناحي والأقاليم الثقافية المشاركة وتعريف الآخر بما لديها.
أما الفلاسفة الجدد للمركزية السودانية فيستوجب ويفضل عليهم اتباع الإبداع الشخصي كإداريين وإبرازه التجارب الغنائية الخاصة للمغنيي،ن وأن يقدموا لنا أعمالهم الغنائية الخاصة قدر الممكن و المستطاع. صخرة ضخمة موروثة لا تزال تقف أمام الجميع ممن ذكرت وهي ثقافة العدادات) والكسب الساهل السريع.
نسبة كبيرة منهم ولا أقول جميعهم لا يزال أسرى لفكرة قطع الطريق بأقصر الطرق إلى العداد، وبما فيهم الفرق الموسيقية والعازفين الذين وباسم ضيق الزمن وقلة العدادات والزمن الممنوح للبروفات يميلون الى الاشتغال على الغناء المسموع حسب شهادة تلقيتها من أحد المغنيين ذات مرة، وكنت أساله: لماذا لا يقدم غناءه الخاص في ظهوره الإعلامي عبر البرامج؟.
ذكر المغني الشاب أن العازفين والوقت الذي يسمح بإجراء البروفات لا يساعدان على ذلك.
أقول ذلك وأعلم أنه لولا المنافسة الإعلامية الحامية الوطيس التي نشات لدى جيل المغنيين القدامى والمحدثين في تقديم أعمالهم الخاصة لما كان هنالك غناءً يضعه ناس السر قدور كايقونات و نماذج او تجارب يشار اليها بالبنان، ويجب على البقية الاقتداء بها وتقديم التحية إليها.