ما تكاد الحكومة الانتقالية تخرج من أزمة الا وتقع في أزمة أشرس وأخطر منها ، حتى وصلت البلاد مستوى من السوء لا يحتمل على كافة الأصعدة ، وأصبحت الحكومة تلهث يوميا خلف سد الثغرات والثقوب التي تظهر بمتوالية يومية على سطح سفينتها بلا جدوى ، فالماء يتسرب من كل ناحية والوضع أقرب إلى الغرق من النجاة .
اقتصاديا بلغ الدولار أرقاما فلكية ، الصفوف( ما تديك الدرب ) في الخبز والغاز والوقود ، الغلاء يتصاعد يوميا بوتيرة جعلت ٩٠% من الشعب السوداني غير قادر على الإيفاء بمتطلبات الحياة اليومية .
صحيا ، انهيار رهيب ، انعدام الأدوية او غلاءها ، توقف الخدمة الطبية في القطاع الخاص ، اغلاق عدد كبير من مستشفيات القطاع العام ، ضعف في توفير معينات الحماية للكوادر الصحية وضعف في توفير الأدوية المنقذة للحياة ، نظام صحي يسرح ويمرح فيه الكيزان داخل وزارة الصحة الاتحادية وفي معظم الوزارات الولائية ، ويطرد ويقال منه الثوار من الكوادر التي قادت الثورة أيام ( الحارة ) .
سياسيا، الصراع بين مكونات الحرية والتغيير ولهث بعضها نحو المحاصصات، أفقد البلاد التوازن وجعل حكومة الثورة في مهب الريح ، بالإضافة إلى تعنت الجبهة الثورية إزاء تعيين الولاة المدنيين وتعيين المجلس التشريعي ، مما جعل البلاد في وضع اشبه بالتجميد الذاتي للامور على ماهي عليه لحين توقيع اتفاق السلام .
مازال المواطن محتملا لهذا الواقع رغبة منه في عدم إتاحة الفرصة مجددا لشمولية جديدة او عودة محتملة للكيزان، ولكنه لن يحتمل إلى الأبد، لن يصبر إلى ما لا نهاية ، فلكل صبر حدود ، ولا أعتقد أن الشعب بعيد عن هذه الحدود، ولا يعلم احد متى ينفجر ولكن استمرار الوضع على ماهو عليه لا محالة سيقود إلى الانفجار .
كل القراءات تقول ان الوضع الراهن للحكومة لا يبشر بخير ، الحوجة ملحة جدا لمعالجات جراحية تغير في هذا الواقع وتحدث اختراقا في معالجة الأزمات، وهذا لا يعني سوى الاعتراف بأن الوقت قد حان للتغيير السياسي . الواضح الما فاضح ان الحكومة بمكوناتها الثلاثة فاشلة في معالجة الأزمات الاقتصادية والصحية والسياسية ، وفوق ذلك عاجزة عن التناغم المطلوب ، مما يؤكد لكل ذي عقل وبصر أن هذا أوان التغيير في الحكومة قبل حدوث الطوفان وانهيار كل شيء .
هناك طريقان لا ثالث لهما لانجاز تغيير يخرج البلاد من أزماتها ، الاول إجراء تغيير شامل في الحكومة الراهنة وتكوين حكومة تنفيذية جديدة بالكلية من مستقلين تكنوقراط لا تشوبهم شائبة تحزب سياسي ، مع ابتعاد كامل لأحزاب الحرية والتغيير عن المشهد الحكومي ، واختفاء مجلس السيادة ، يقنن هذا الوضع من خلال إنجاز دستور انتقالي جديد تتوافق عليه جميع القوى السياسية والعسكرية في البلاد .
في حال تعذر انجاز الخيار اعلاه فان التوجه فورا نحو الخيار الثاني هو الحل ، إجراء إنتخابات عامة لاختيار رئيس جمهورية وانتخاب ولاة الولايات والمجلس التشريعي ، مع النص على عدم ترشح أعضاء ورموز حزب المؤتمر الوطني المحلول .
sondy25@gmail.com