بعد أيام من تحذير لجنة اطباء السودان المركزية من انهيار النظام الصحي في السودان ، انضمت منصة مجابهة الكرونا للمحذرين من انهيار النظام الصحي، إذ أصدر الاثنان بيانات واضحة وصريحة تطلب الانتباه من الجميع في ظل انزلاق البلاد نحو هاوية صحية بلا قرار ، ومازال كثير من البسطاء يعتقدون ان هذه التحذيرات هي حملة ضد وزير الصحة اكرم على التوم !!
منذ ظهور الجائحة توقع الجميع ان توجه الحكومة كل امكانياتها لمواجهة هذا الوباء ، كما توقع الجميع ان تتخلى وزارة الصحة الاتحادية عن نهجها الأحادي في علاج مشكلات الصحة ودعوة جميع الشرائح الطبية للاتفاق على خطة عمل لمواجهة هذه الكارثة ، رغم الدعوات المستمرة للحكومة الانتقالية بتوفير المعينات والمال ، ورغم النصائح المتعددة والمكررة لوزير الصحة باتباع الأسلوب العلمي في معالجة الأزمة وتجميع الكوادر لا تنفيرها وحشد الأطباء والكوادر الصحية باجسامهم الثورية ضمن حركة الوزارة ، الا ان كل هذه الدعوات والنصائح ذهبت ادراج الرياح وها هو النظام الصحي على شفا الانهيار اذا لم يكن قد انهار فعلا .
مؤسف ان لا يجد المواطن مستشفى يعالج فيه حالته الطارئة مثل الأزمة والطعنات والفشل الكلوي والخ ، والسبب اغلاق المستشفيات العامة والخاصة !! وعند مراجعة هذا الإغلاق نجده بلا أي أسباب علمية ، كل ساعة نسمع قصة لمواطنين يتجولون بمريضهم من مستشفى إلى مستشفى حتى يفارق الحياة على ظهر العربة !!
صف طويل من المشاكل في جسد الصحة تتكاثر كل يوم ، لا نجد مقابلها الا الشماعة التي صدقناها جميعا ، شماعة ان هذا نتيجة ما ورثناه من النظام البائد ، صحيح النظام البائد دمر الصحة ولكن حال الصحة الآن أسوأ من اي فترة في عهد النظام البائد، وكان الأجدر أن تتحسن الظروف في ظل حكومة الثورة لا ان تواصل الانهيار بعد أكثر من عام على انتصار الثورة ، وهذا ما يدعو جميع الثوار والوطنيين لمراجعة الوضع لا الاختفاء خلف تبريرات فطيرة .
هناك خلل فظيع في إدارة الصحة في البلد، لابد من الوقوف الآن ومراجعة الخلل ، ومعرفة القصور بالضبط ومعالجته ، لا يمكن أن نتعامل بكبرياء زائف وثورية مزيفة ونحن نرى الشعب يموت نتيجة الخلل البين في التعامل مع الواقع الصحي ، هذه حياة شعب وهذا أمر لا مجاملة فيه ، لا يمكن أن نتجاهل بكل بساطة تحذيرا صدر من لجنة اطباء السودان المركزية الجسم الذي قاد تجمع المهنيين والثورة لشهور عدة وكان المصدر الوحيد لكل المعلومات الصحية في أيام الثورة ، كما لا يمكن أن نعتبر تحذير منصة مجابهة الكرونا مجرد زوبعة إعلامية لإقالة وزير الصحة !! هذه تحذيرات عملية وواقعية من جهات ثورية حتى النخاع ، لا تعرف الكذب ولا خداع النفوس ولا الشو الاعلامي ، وهي تحذيرات تتبع أسلوبا واحدا وهو أن الأزمات يجب مواجهتها لا الهروب منها .
المطلوب ان تتبنى وزارة الصحة الاتحادية خطة عمل عاجلة تشارك فيها كل الأجسام الطبية داخل وخارج السودان ، توضع الخطة في شكل مصفوفة زمنية يتم العمل على تنفيذها على المستوى المركزي والولائي ، تتضمن حلا لكل إشكالات الصحة الراهنة، بالضرورة تتطلب هذه المصفوفة خروج وزير الصحة من شرنقته الراهنة ومن اعتماده المفرط على مكون واحد ذو صبغة سياسية معروفة في تسيير أمور الصحة في البلاد في ظل استبعاد أجسام ثورية كلجنة اطباء السودان المركزية ولجنة الاختصاصيين والاستشاريين بكل تاريخهما وارثهما في العمل الثوري والنقابي .
مازال بالإمكان إنقاذ الوضع اذا تكاتفت الجهود وتوحدت الرؤي وترك الوزير الخندقة وخرج للواقع ، وزيرا للجميع وليس وزيرا لمكون طبي وسياسي واحد .
sondy25@gmail.com