في الأخبار ومنصات التواصل الاجتماعي أن مصر (أم الدنيا) أقامت أكبر جسر جوي منذ العام 1973 لنقل مساعدات طبية ومعينات لمواجهة وباء كورونا في السودان، وقد وصلت طلائع الجسر الجوي بالفعل إلى مطار الخرطوم، وفور ذلك تبارى أصحاب الذواكر المثقوبة والضمائر المعطوبة والخربة وأصحاب (الأجندة) الخاصة في التشكيك في مقاصد المساعدات المصرية، ودوافعها وما يقف وراءها،بل ذهب (بوست) منسوب للدكتور صلاح بندر السوداني البريطاني المثير للجدل، إلى تصوير الأمر كأنه مقدمة لاحتلال السودان لضخامة المساعدات، التي تمثل قيادة طبية كاملة، من وجهة نظره، ولم ير هؤلاء المنكرون للشمس والمتنكرون للواقع والتاريخ، والساعون بالفتنة والخراب، من بين أجنحة الطائرات المصرية، إلا دور المخابرات والأمن، والفواكهة الفاسدة، والدقيق منتهي الصلاحية، وتهريب البضائع عبر المنافذ البرية، والراقصات في النوادي الليلية، في القاهرة، وبيع المجرمين للاعضاء البشرية، كأننا في السودان نعيش في مدينة افلاطون الفاضلة،وأن أسوأ من تلك الممارسات لا تتم في وضح النهار خلال 30 عاماً من القهر وتغييب الإرادة والقرار، ولكن لا يمكن أن نحمل الشعوب ممارسات وتصرفات بعض أجهزة حكوماتها ولاتقولوا لي( المدمرة كول).. ولماذا لم ير كفيفو البصر والبصيرة، عبر نوافذ سرب الطائرات المصرية، واجنحتها، صور الزعيم الخالد جمال عبدالناصر، وهو يعلن مشاريع الإصلاح الزراعي ومحاربة الاقطاع، والتعليم المجاني، وتأميم قناة السويس، بل لماذا لم يروا بين أجنحة سرب الطائرات،الآلاف من الطلاب السودانيين، الذين تخرجوا في الجامعات المصرية، وملايين الأسر التي تعيش الآن في المدن المصرية بإقامة شبة دائمة، تعمل وتتاجر، حتى في التمباك والسجائر، في طرقات القاهرة وبور سعيد…
لم ير المشاؤون بالنميمة والفتنة، عبر أجنحة الطائرات المصرية صور الأزهر الشريف،والرواق السنارية ورواق دارفور، ولا كتب الثقافة وقلاع العلم، ولا دماء السودانيين التي سالت في سيناء وفي كل حروب مصر التاريخية، لماذا لم يروا المستقبل وكل دول العالم تتكتل وتتوحد، في مواجهة تحديات العصر الإقتصادية والأمنية والزراعية والتكنولوجية؟ لماذا لم يغير هؤلاء (الغيارى) والصين تجعل السودان(مكب عصري لنفاياتها الالكترونية)، ولما لم يصحو ضمير هؤلاء (العدميين) وسماسرة الإنقاذ وساستها ولا أقول تجارها يستوردون لنا من الصين، النفايات بالحاويات والسفن، لماذا لم يروا عبر سرب الطائرات المصرية، الآلاف من الأساتذة والمعلمين المصريين، الذين كانوا يجوبون مدن السودان وفيافيه، لتعليم أبنائه أبجديات الماء، وهل غابت عن الذاكرة الجمعية للشعب السوداني صور الزعيم جمال عبدالناصر في الخرطوم، وفي سبدو بجنوب دارفور؟ هل غابت عن الذاكرة الجمعية للشعب السوداني جامعة القاهرة الفرع؟ هل نسينا أنهار الثقافة والوعي التي كانت تجري عكس النيل؟
إن الحكومة المصرية ،حين تقدم مساعدات بهذا الحجم، وفي هذا الظرف الدقيق،والحرج وبلادنا تواجه حرباً حقيقية،فهى تدرك معنى الحرب التي يواجهها العالم الآن، وتعلم ان السودان وقف مع مصر في حروب سابقة، ولا يمكن أن تخذل شعبه، وهو يواجه حرب (الكورونا) وهو مكشوف الظهر، ونظامه الصحي شبه منهار ومعطل والكارثة محدقة بكل أطرافه ولذلك فهي تتحرك بكل ضغط وزحم التاريخ والمواقف والعلاقات المشتركة، واذا لم يجد السودان مصر اليوم فمتى يجدها؟ أم ينتظر حتى تصل الجثث عبر مياه النيل ؟ولماذا غنى المغني (لما ينادي الوطن العربي نفوت بالموت على كل دخيل) ؟وهل هناك دخيل أسوأ من الكورونا؟ تبا للمسترزقين بسياسة الكراهية والبغض والشتائم، التحية والمجد والخلود للزعيم جمال عبدالناصر في عليائه،وهو يعلن” أن الذين يقدرون شرف الحياة … هم وحدهم الذين يقدرون شرف الموت من أجل شرف الحياة “، تذهب الحكومات وتبقى الشعوب والمواقف. شكرا شعب مصر .
٦ مايو ٢٠٢٠م