المعركة التي تدور رحاها الان في الوسائط مع أو ضد القراي أرى ان مٱلاتها خطيرة بكل ما تحمل كلمة خطورة من معانٍ. وانى وبكل صدق أرى تحت الرماد وميض نار. والكل ينفخ في هذه النار، التي ربما تشتعل وتحرق الأخضر واليابس.
أقول هذا لأن ساحة هذه المعركة هي من أكثر الساحات حساسية، وكان من المفترض ان تكون هذه المعركة في ساحة تغيير المناهج وفق منظور تربوي بحت يراعي مصلحة التعليم، وتخريج أجيال جديدة تستطيع أن تقود هذا الوطن متسلحة بالعلم والوعي والرؤية الواضحة للمستقبل.
ولكن وللاسف الشديد تم قيادة هذه المعركة لتدور في ساحة الدين! وما أصعب ان تقود معركة في هذه الساحة مهما أوتيت من قوة ومن منطق سليم . ويجب ألا يغيب عن وعينا أن هذا الشعب متدين بطبعه، ومن الصعب جداً إدارة أي نقاش موضوعي يخص ثوابت الدين وسط شعب تمثل نسبة أميته تفوق الـ 70%، ويتمسكون بدينهم بالفطرة، وهذه هي النقطة الخطيرة والوتر الحساس جداً، والذي يعزف عليه الكيزان ومن شايعهم حتى نجحوا في هذا التجييش والاصطفاف الخطير جداً ضد آراء القراي.
أنا لا أناقش معتقدات القراي فهذا شأن يخصه هو، ويخص حزبه الجمهوري =.
السؤال هنا .. من الذي يدير هذه المعركة بهذه الطريقة الدينية البحتة؟ قطعاً هم الكيزان، ولكن لابد من القول لإن القراي أيضاً يتحمل جزءاً مما يجري .. لأنه ايضاً أدار هذه المعركة في كثير من جزئياتها من ناحية دينية، واستجاب كثيراً لاستفزازات الكيزان، وصرح أنه سيخفف من حفظ القرأن في مراحل التعليم الأولية، ورغم وجاهة وجهة نظره من الناحية التربوية إلا أن حديثه تركيزا فقط عن القرآن الكريم أعطى لخصمه الفرصة، وأصبح هو كمن أعطى القفاز لهم ليسددوا له الضربات المتتالية، وفجأة وجد نفسه في مرمى النيران.
حقيقة أخرى لابد من ذكرها، وهي أن القراي أيضاً فتح باباً آخر لتلقي الهجوم من حزب الأمة عندما تحدث عن رأيه في الثورة المهدية بطريقة ازعجت قادة حزب الامة ودفعتهم للاصطفاف ايضا مع الكيزان ليقفوا ضد القراي، ولم يكن القراي موفقاً في التصريح برأيه متجاهلاً أن حزب الأمة جزء لا يتجزأ من قوى الحرية والتغيير والحزب الجمهوري كذلك.
إذن الواضح الآن أن المعركة لم تعدّ معركة تغيير مناهج تربوية.. هي تحولت بين ليلة وضحاها لمعركة سياسية وتصفية حسابات قديمة وحديثة.
الآن الكرة في ملعب القراي .. عليه أن يقنع الجميع بأنه يعمل لمصلحة التعليم، ودفعه نحو الأفضل بتغيير مناهج تربوية تكون مقبولة من جميع الأطياف، ويستعين بالخبراء، وما أكثرهم في السودان في وضع مناهج تربوية تقود هذا الوطن لبر الأمان، وعليه أن يبتعد عن المعارك السياسية، فمنصبك الذي تشغله الآن لا يتحمل أي تجاذبات وتقاطعات سياسية.
معظم السودانيين معترفون أن المناهج يجب أن تتغير .. ولكن كيف يتم هذا التغيير؟ هذا هو السؤال المفصلي والمهم .
انس أنك قيادي في الحزب الجمهوري، وانس عداءك للكيزان، وركز فقط في تطوير المناهج، واجل كل معاركك السياسية لفترات قادمة، وبعد ان تنجز ما هو مطلوب منك .
اللهم بلغت …اللهم فاشهد .