تقوم لجنة إزالة التمكين بعمل جبار هو نقطة الضوء الوحيدة في ظلام الواقع الذي تعيشه البلاد اقتصاديا وصحيا ، فمنذ تشكيل الحكومة الانتقالية ظل مؤتمر لجنة إزالة التمكين هو المتنفس الوحيد للثوار ، والأمل الوحيد بأن الثورة مازالت حازمة وقادرة على تحقيق العدالة ومحاسبة المجرمين .
في مؤتمرها بالأمس الخميس انتبه المتحدثون باسم اللجنة إلى أن الشعب أصبح ينتظر الخميس بفارغ الصبر من أجل الاستماع إلى قرارات اللجنة ، وهو ما يمثل ضغط رهيب على اللجنة قد يجعلها تستعجل بعض الملفات للحاق بالخميس ، مما قد يولد بعض الثغرات القانونية نتيجة الاستعجال ، لذلك جيد جدا ان اللجنة شرحت بصورة واضحة انها ليس بالضرورة ستعقد مؤتمرا كل خميس ، وإنما يخضع هذا لعملية إنجاز الملفات التي تستعرضها اللجنة من عدمه ، فإذا تم تجهيزها خرجت بها اللجنة إلى المؤتمر الصحفي وإلا فلا .
الملاحظ أن اللجنة حتى الآن تبحث في الفساد المتأخر من عمر الإنقاذ، الإنقاذ مرت بمراحل متعددة ، المرحلة الأخيرة كانت هي مرحلة سيطرة أسرة البشير ونسباءهم وبعض الإسلاميين أصحاب التجارة والعمارة ، بينما هناك فترات طويلة من الفساد الممنهج وخاصة في سنين تدفق البترول وانهمار المال والمستثمرين على البلد ، فهذه الفترة بالتحديد كانت أكبر فترات الفساد والنهب( المصلح ) للمال العام ، ومعظم ( حرامية ) تلك الفترة أسسوا لتجارة عالمية واستثمارات خارجية بأرقام ضخمة ، وهي ربما ما أشار إليها احد متحدثي لجنة إزالة التمكين بالأمس حين ذكر ان بعض القضايا لها امتدادات دولية وتحتاج مزيدا من التحقيق والفحص والتمحيص . وفي هذا الخصوص فالأفضل أن تستعين لجنة التمكين ببيوت خبرة قانونية عالمية نزيهة مختصة بقضايا استرداد الأموال الدولية إلى الدول صاحبة الحق ، حتى تتجنب ما عدته اللجنة مشاكل دبلوماسية وسياسية التي قد تنشأ مع الدول الأخرى ، وأعتقد أن هذه الأموال بالتحديد هي من ستحدث الفرق في الاقتصاد في حال استردادها مقارنة بما يسترد داخليا .
لجنة إزالة التمكين تنشط في ملف استرداد الحقوق والأموال العامة المنهوبة بواسطة الكيزان ومعاقبتهم على ذلك ، ولكن هناك ملف آخر غاية في الحساسية والأهمية وهو ملف إنصاف المظلومين ، فالتمكين لم يكن فقط إغتناء البعض و سرقتهم للاراضي والأموال بل وجهه الآخر القبيح ان ذلك كان على حساب سودانيين شرفاء ، هناك من فصل من وظيفته ، من فصل من الجامعة ، من سجن وعذب وفقد مصدر دخله ، من تعرض لعاهة مستمرة ، من صودرت ممتلكاته ، وغير ذلك من الظلم الذي وقع مباشرة على أفراد بعينهم، وهو ما يحتاج ايضا الى مراجعة وتحقيق عبر لجنة خاصة بالإنصاف، يقدم إليها كل متضرر من نظام الإنقاذ ملفه الكامل فتراجعه وتدرسه وتقرر في أمر إنصافه سواء أدبيا او ماديا او وظيفيا، وسيكون أثر هذا الانصاف عظيما ايضا في نظر الشعب ، وسيمثل أملا للجميع بأن الظلم مهما طال على الافراد فإن الإنصاف قادم .
فلتواصل اللجنة في تعرية مشروع التمكين الكيزاني الفاسد الذي تم التأصيل له بكل صلف وبجاحة بواسطة شيوخ الضلال بقول الله تعالى ( الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة و اتوا الزكاة و أمروا بالمعروف و نهوا عن المنكر و لله عاقبة الأمور ) الحج ٤١ ، فكان تمكينا فاسدا لا أمر أصحابه بالمعروف ولا نهوا عن المنكر وحق عقابهم عليه .
sondy25@gmail.com