حالهم يرثى له، فكلما أصابهم سهم الثورة في شأن .. علا ضجيجهم، وفقدوا بوصلتهم وارتفع ألأنين.
فقدان البوصلة لم يبدأ الآن، فقد فوجئوا بالمليونيات التي أودت بحكم البشير وكانوا يظنون خلودهم في خمائلهم الفاسدة، وفوجئوا بشراكة كانوا يظنون أنهم يخترقون قرارها فأظهرت تماسكها في وجه خيالاتهم، كما فوجئوا من قبل بأن أباطرة الساحة الراقصين في خطابات الكذب باتوا بأيدي الثورة قابعين في السجون بلا حول ولا قوة !
حالة الشرود العقلي التي انتابتهم تظهر من ردود أفعالهم، فهم لا يجرؤون على انتقاد الثورة في ذاتها أو التطبيل لنظامهم المدحور، بل فيهم من لبس ثياب الثورة ثم بدأ في إعمال خنجره تقتيلا معنويا لمن أتوا بأمر تلك الثورة إلى سدة القرار.
مادت الأرض تحت أقدامهم وطاشت ضرباتهم في كل الاتجاهات .. مرة تجاه قرارات إزالة التمكين وتجاه القائمين عليها، ومرة تجاه البعثة الأممية السياسية المرتقبة وفق الفصل السادس من ميثاق المنظمة الدولية، ومرة تجاه الوزراء والمسؤولين ولا سيما في القطاعات الخدمية، ومرة أخرى، وليست أخيرة، تجاه الأزمات التي ربت في أعظم حاضنة لها ابان عهدهم فورثتها البلاد بكل أوجاعها وتداعياتها.
هم الآن في خانة الطعن والتشكيك وأحيانا التبخيس والهدم لقرارات الحظر الصحية متباكين على الشعب الذي يعتمد على رزق اليوم باليوم، ولم يكونوا يتباكون عليه حين قتلوا مئات الآلاف واضطر الملايين للنزوح واللجوء بفعل جرائمهم السوداء. واحتفلوا بكل خبر صحيح أو مختلق يشير لحالات عادية كإرجاع شحنة ضأن من دولة مستوردة، ساكتين عن اختراقات إيجابية كبرى كبدء السودان تصدير اللحوم وهي مذبوحة محلياً لأول مرة في تاريخ الوطن، بل استكانوا للغشاوة فهم لايبصرون جريمتهم الكبرى حين سمحوا بتصدير إناث الماشية السودانية كبوابة مشرعة للفساد وتدمير الافتصاد .. وكأن الذاكرة ستنسى وتسامح، وذاك ملف سيأتي اليوم الذي يفتح فيه على مصراعيه.
إن التباكي على أزمات اليوم وسلبيات الأداء المدعومة بجائحة كورونا التي اهتزت لها الاقتصادات العظمى .. هو تلاعب بعقول شعب ورث اقتصادا منهوبا لا يملك من العافية شروى نقير .. لكنه يلملم أطرافه باذلا المساعي لتخفيف انهياراته بخطى ثابتة .. ليس أولها هذا الإنتاج غير المسبوق لمحصول القمح، وليس آخرها مؤتمر أصدقاء السودان في نهاية يونيو القادم ببرلين الذي تقوده أقوى الاقتصاديات العالمية لدعم الوطن، رغم جراحات كوفيد ١٩.
العالم بات يعرف قيمة السودان الجديد كواحد من أكبر مستودعات الغذاء الآمنة في عالم يتلهف للقمة العيش بعد الجائحة، في حين يأمل قطيع المخلوع في عودته وحالهم كحال القائل: ( (مازال وسواسى لعقلى خادعاً .. حتى رجا مطراً وليس سحابُ) !
كم أرثي لكم أيها الواهمون!