إن ثورة الشباب الأخيرة التى أرغمت نظام المهلوك على أن تبادر بالفرار تميزت بكثير من السمات الجميلة عن رديفاتها من الثورات الشعبية السابقة، مثل: أكتوبر ورجب، إلا أنها ولسوء الطالع فقدت حنجرة الفنان الراحل المقيم عملاق افريقيا محمد عثمان وردي.
ولو كان هذا الفنان على قيد الحياة عند بزوغ أنوار هذه الثورة المجيدة لكانت وجدت زخماً شديداً زاد من بريقها، ومنحها كثيراً من اأاضواء!!
تميزت الثورة عن مثيلاتها بأنها قذفت بأفراد العصابة وعلى راسها البشير الغاشم فى غياهيب سجن كوبر توطئة لتقديمهم الى محاكمات عادلة، بينما تركت اكتوبر ورجب التيوس تحوم وسط الأنعام دون ان يقذف بهم حتى فى حظيرة مصنوعة من القش..وارتآت هذه الثورة الظافرة ايضاً ان تكون فترتها الانتقالية ثلاث سنوات فى الوقت الذى اكتفت الثورتان: الاولى ب(٦) شهور، والثانية بعام، تقودهما شخصيات باهت، وكان قائد زورق الثورة الشعبية الأخيرة شخصية اممية فى قامة (حمدوك) .
لقد افتقدت هذه المناسبة العظيمة فناناً مثل وردى كان من الممكن بأناشيده الوطنية ان يلهب من مشاعر المواطنين ويوقد نيران حماسهم، وتسير الثورة فى مشوارها مرتدية ثوبها الأنيق حتى آخر خطواتها.
ومهما يكن، فإن هذه الثورة لها سمات جميلة، لابد من التباهى بها والافتخار. الأمر الذى التى يدعو الى تمديد فترتها الانتقالية لوقت اطول حتى يستقر كل شيء فى كل المناحى السياسية، وتبرز فى البلاد صياغات لافكار جديدة من عقول شابة تتوارى خلفها كل تلك الأفكار التقليدية التى لم تجن البلاد من ورائها الا الضياع، والخسران المبين..