• ظل السودانيون طِوال فترة الوباء الراهنة، وما زالوا، “يلاوون” الحكومة وسلطاتِها الصحية، ويناكفونها، ويتحايلون على الحظر الصحي تارةً، ويتمردون عليه ويعاندونه تارةً أخرى، بينما تستمر الكورونا تحصدهم شيئاً فشيئاً، وتزحفُ على مدنهم وقراهم وأريافهم، بإزديادٍ مضطرد، والإحصائيات كلها تنذر بقُرب وقوع الكارثة، وهم لم يتعلموا شيئاً !! في الجانب الآخر من الدنيا أكملت الشعوبُ الواعية المتحضرة “والمقتدرة” مدةَ حظرِها أو كادت، وتعلمت درسها، واستوعبت كيف تتعامل مع الجائحة وتحتويها، وطوَّعت إمكانيات أنظمتها الصحية، ومعارف كوادرها الطبية لإستيعاب مصابيها الحاضرين والمتوقعين، وتتجه الآن لفتح إقتصاداتها تدريجياً، وسياقة مواطنيها نحو واقعٍ جديد، بهدوءٍ ومعرفة، وسط هذا الحُطام العالمي الرهيب !!
وبعد أسبوعين من الآن، غالباً، ستكون النتيجة المتوقعة في هذه الدنيا، أنه، وبينما يشفى الآخرون، وتنخفض معدلات الإصابة عندهم، وترتفع معدلات التشافي، وتتماثل دولُـهم للتعافي، ويخرجون مجدداً للحياة، ويكونون كمن إمتص الضربةَ النووية الماحقة، ثم أستجمع قواه، ولملم أطرافه، وأصبح مستعداً لردِّها، أو إستيعابها والتعايش مع آثارها، بينما يحدثُ كل ذلك عند الآخرين، ربما سيبقى”أخوانُنا السوادنة” في ”الذيل” من حيث التعافي، وتحمُّل الضربة والصمود لها، وفي ”القمة“ من حيث إرتفاع الإصابات، وربما نسبة الوفيات إلى الأصابات لا سمح الله !!
• على كل حال، أهلُنا في السودان معذورون، فهم ما كادوا يخرجون من إسار حكومةٍ “فاجرةٍ كاذبة” لم تصدُق معهم في شئٍ قط، حتى إجتاحتهم كورونا، وقبل أن تترك لهم حتى فرصةً ليستوعبوا أنه ممكنٌ أيضاً أن تكون لديهم حكومةٌ “أمينةٌ وصادقة”، وهذا بالضبط ما جعل أكثر الناس لا يصدِّقون أكثرَ ما قالت لهم حكومتهم بشأن وجود الكورونا، وفي ذات الوقت يصدِّقون كَذَبَـة الكيزان حين قالوا لهم بل لا توجد من أصلو كورونا !!
ستنقشع هذه الضائقة-الوباء بإذنِ الله تعالى، وستبدأ الحياةُ تدُبُّ في هذا العالم المحطم من جديد، وسيعود من “يتبقى” من الناس مجدداً يأكلون، ويشربون، ويتناسلون ويتقاتلون، كما كانوا قبل الكورونا، ولكن في السودان فسيكون علينا أن نتعلم درساً قاسياً ومُكلفاً، بعد فوات الأوان، وهو أنَّ إتباع كلام الحكومات، وإن كانت سيئة، ليس دائماً سيئاً، وبالأخص في أوقاتِ الكوارث، والجوائح، والأوبئة، والحروب، والنكبات !!