” ثمر الحديث”
بسم الله الرحمن الرحيم
ثمر الحديث
كثيراً ما يوصف بعض الناس بأنهم فاكهة المجالس لميزة يمتازون بها دون غيرهم وغالباً ما تكون لحلاوة حديثهم أو أنهم شخصيات فكاهية يمتّعون من معهم بذلك ويفتقدونهم إن غابوا وقد لا يكون لفاكهتهم التي ينعتون بها صدى باق في غيابهم، بل طعم فاكهتهم مرهون بلحظة وجودهم.
هذا المدخل ذكرته لأنني في يوم السبت 22/رمضان الموافق 16/5/2020 تذوّقنا طعم فاكهة حقيقي لم يذهب بزوال مؤثره، بل استمرّ وسوف يستمر أثره لكل من حباه الله بمذاقه، وكان مكان تقديم هذه الفاكهة صالون الإبداع للثقافة والتنمية بالملازمين من خلال ندوة إسفيرية عبر الفيس بوك تم تحديد الحضور لها بعدد قليل في المكان بسبب كورونا، ولكن تابعها الآلاف من مختلف بقاع الدنيا عنوانها {موقعة بدر الكبرى وأبا الأولى الجهاد والاجتهاد} قدمها العالم، الفقيه الدكتور عبد الرحيم آدم محمد رئيس مجمع الفقه الإسلامي وعضو مجلس الحل والعقد وعميد الشريعة والقانون بجامعة الرباط.
الندوة بدأت حوالي الواحدة ظهراً وحُدّد زمنها بساعتين من داخل أستوديو صالون الإبداع. والمفاجأة أن الساعتين مرت دون أن ينظر أحد منا لساعته مما أحدث أسئلة استفسارية وتعجبية من شاكلة: معقول الزمن انتهى؟!. نعم كانت هنالك دهشة ولم يُر ملل أو تثاؤب رغم أن رمضان في عشرته الأخيرة ولا أفسّر أكثر. أتدرون ما السبب؟ السبب ما قُدّم من فاكهة ذات طعم فريد يندر شبيهه وقد نقّاها مقدّمها بتأنّ وتؤدة، لم يجلبها من طرف السوق، بل لم يوكل غيره للقيام بجلبها قبل أن تقدّم وأنما قام بنفسه لانتقائها حتى يطمئن قلبه وقد كان.
كان مقدّم هذه الفاكهة الشهية هو الدكتور عبد الرحيم آدم محمد وكانت فاكهته التي قدمها المعلومات القيمة التي أتحف بها جميع من حضر سواء داخل الأستوديو أو عبر الميديا، والجديد في الأمر أن مناسبة واقعتي بدر وأبا وما بينهما من تشابه سُمِع الحديث عنها كثيراً وغالباً ما يتناولها المتحدثون بالسرد للأحداث والنتائج. ولكن د/عبد الرحيم تناول الموضوع في ثوب قشيب بيّن من خلاله مفاهيم مقاصدية أثبت عبرها مفهوم الجهاد وغايته والاجتهاد وغايته. وقد تناول التوافق والتطابق بين الحادثتين بأسلوب علمي استخدم فيه المنطق والإقناع وقد فلح في ذلك بما أكرمه الله من علم ودراية، فضلاً عن كونه حافظاً لكتاب الله تجلت فيه صفات العلماء التي يزيّنها التواضع فلله درك د/عبد الرحيم. ذات مرّة علقت في الفيس بوك عندما تقدّم عدد كبير من الأحباب بتهنئة د/عبد الرحيم آدم والأستاذ/ الزبير محمد علي بوظائفهما الجديدة في وزارة الشؤون الدينية والأوقاف وكان تعليقي {مثلهما تتشرّف به الوظيفة} وفعلاً هما كذلك نسأل الله لهما التوفيق؛ فبالدكتور عبد الرحيم وجد مجمع الفقه الإسلامي ضالته بالرجل المناسب في مكانه المناسب.
هنالك برنامج فني أدبي مصاحب تخلّل الندوة سالفة الذكر حيث شنّف آذاننا من خلاله المبدعون:فيحاء محمد علي، وزروق العوض أحمد، والمكّي مصطفى، فاستمتع مجلسنا بفاكهتين إحداهما أثملتنا في لحظتها وعبّرنا بضرب الأرض والأيدي، والأخرى حملت أرواحنا بعيداً وطافت بخيالنا حول عالم الغيب والشهادة ودورهما المتكامل لا المتقاطع فاكتملت لنا صورة التوافق والمقاربة بين موقعتي بدر الكبرى والجزيرة أبا الأولى.