يواجه تحالف قوى الحرية والتغيير عاصفة عاتية تتمثل في تجميد حزب الأمة القومي لعضويته وإمكانية خروجه عن التحالف اذا لم يتم تدارك الأمر ، المهندس خالد عمر يوسف الأمين العام للمؤتمر السوداني صرح بأن الاتصالات جارية مع حزب الأمة لبحث القضايا التي طرحها والتوصل لمعالجات جذرية لها ، وأضاف بأن التحالف بصيغته القديمة غير قابل للاستمرار وهنالك ضرورة لصيغة جديدة تنتج بتوافق كافة مكوناته .
تصريحات الأمين العام للمؤتمر السوداني تؤكد بأن الراهن السياسي مختلف عن الواقع الذي تم فيه توقيع اعلان الحرية والتغيير ، تم التوقيع في ظل وجود قحت في المعارضة ، بينما الان قحت هي الحاضنة للحكم والمسؤل السياسي الأول عن ما يجري في البلاد . قبل سقوط النظام لم يكن مطلوبا من قحت سوى تنظيم الاحتجاجات وتوفير غطاء سياسي للثورة داخليا وخارجيا والعمل على منع انزلاق البلاد خارج إطار السلمية ، وهذه أدوار لم تكن تحتاج سوى التنسيق العادي والعمل التوافقي ، بينما الآن تتحمل قحت مسؤلية الحكم بأكمله وتنؤ بملفات إدارة بلد متعدد الثقافات والأعراق ،بلد يجلس على صفيح ملتهب من حروب وانهيار اقتصادي وأزمات عميقة في الجيش والأمن والخدمة المدنية ، هذا بلد لا يمكن بأي حال ان يحكم ويدار من خلال التنسيق العادي والتوافق الأفقي ، بل هذا وضع يحتاج تنظيم دقيق وهيكل رأسي واضح وشفاف تتحمل فيه المسؤولية قيادة متفق عليها ومعروفة لدى الجميع .
نتفق مع الاستاذ خالد عمر في حوجة الحرية والتغيير لصيغة جديدة ، وهي صيغة ستنتج عنها تلقائيا صيغة جديدة للحكومة الانتقالية تستطيع بها ان تواجه ازماتها المتلاحقة ، فالحكومة الانتقالية متخبطة حتى الآن في وضع أساسها الفكري والنظري لتسيير الدولة ، الوثيقة الدستورية ما عادت كافية والحل في وضع دستور انتقالي متكامل، كذلك تعاني الحكومة الانتقالية من عدم وضوح الخطة العملية في قضايا السلام والاقتصاد ، مهم إعادة النظر في عملية السلام الراهنة التي لا تعجب عدوا ولا صديق ، واقتصاديا لم ينعقد المؤتمر الاقتصادي حتى الآن في ظل واقع اقتصادي كارثي ، والحل هو إقامة هذا المؤتمر بأسرع فرصة ممكنة سواء عبر الأسافير او عبر اتخاذ احتياطات التباعد لمواجهة خطر كرونا ، والاتفاق على طريق اقتصادي تسلكه الدولة يتم تمليكه رسميا للجميع مواطنين ومجتمع دولي .
المجلس التشريعي لا داعي لتأخير تكوينه حتى الآن، ولكن الطريقة التي يجب أن يتكون بها يجب أن تعبر عن حقائق سياسية وليس عن محاصصات فوقية ، الحقائق السياسية المقصودة ان يكون التمثيل في المجلس التشريعي مراعيا للكتلة السكانية ،مراعيا لحجم الأحزاب السياسية جماهيريا ، ومفسحا المجال للشرائح الفاعلة من لجان مقاومة وشباب ومهنيين ونازحين ومتضررين من نظام الإنقاذ الخ ، تكوين مجلس تشريعي بطريقة تكوين تنسيقية الحرية والتغيير سوف يقود إلى مجلس تشريعي كارثي لن يقدم سوى المشاكسة والاختلاف .
الانتخابات العامة لم يتبقى عليها سوى عامان ونصف ، وهي فترة من الناحية السياسية قصيرة جدا ، الاستعداد من الآن لهذا التحول الضخم يتطلب الشروع منذ الآن في وضع جدولة الانتخابات والاتفاق عليها ، والسعي مع الأيام على توطين ثقافة الانتخابات من خلال انتخابات النقابات وانتخابات اتحادات الجامعات والثانويات ، وانتخاب هياكل الحكم المحلي والمجالس التشريعية الولائية والولاة ، لينتهي التسلسل بالانتخابات العامة للحكومة والمجلس التشريعي في نهاية الفترة الانتقالية.
هذه الرؤى والحلول هي الأولوية السياسية في الوقت الراهن من أجل ضمان استقرار قحت والحكومة الانتقالية ، فالاستمرار سياسيا على النهج الحالي لن ينتج الا مزيدا من تجميد الأحزاب السياسية داخل قحت ، ومزيدا من الاختطاف الحزبي المشوه للمؤسسات كما حدث في تجمع المهنيين ، وهذا طريق سيقود فقط إلى قيام تحالفات جديدة تسحب البساط من جسد قحت المهتريء والمليء بالعيوب السياسية والاستراتيجية ، فهل تستطيع قحت إعادة صياغة نفسها بطريقة جديدة تتخطى ما وصفها به المهندس خالد عمر بأنها ( غير قابلة للاستمرار ) ام تستمر في العناد حتى تلحق البلاد ( أمات طه ) .
sondy25@gmail.com