تحت الغيم
بلعوا ريقهم وحق لهم، فقد توالت الخيبات على جوقة المخلوع بعد أن ارتفعت عقيرتهم أملا في ثورة مضادة ضد البعثة السياسية الأممية القادمة للسودان. ورقصوا على إيقاع أنها بعثة تمس السيادة التي أهدروها يوم أذعنوا بترك اليوناميد تسرح وتمرح وفقا للفصل السابع الخطير .. فوقانا الله بلطفه من اجتياح دولي كان يمكن أن يصبح قاب قوسين أو أدنى من الحدوث في أيامهم السوداء.
بلعوا ريقهم وقد ظهر تماسك المواقف بين الشريكين بشأن البعثة الأممية السياسية .. وأنها بعثة سياسية بلا أذرع عسكرية، وأنها تأتي وفق الفصل السادس وليس غيره، فلم يعد أمامهم سوى الطنين هنا وهناك، بعد أن حبطت مساعيهم لبث الفتنة بين طرفي الشراكة!
الخيبات لم تقف عند ذلك، فقد أوفت الدولة بالتزاماتها المالية بشأن الرواتب، وحسمت ادعاءات الشراذم بأن الأمر مجرد كذبة، فإذا بالرواتب التي تضاعفت خمس مرات تأخذ طريقها لجيوب أصحابها قبل موعد استحقاقها بأسبوعين!
حتى الدولار الذي كانوا يأملون أن يهز استقرار الوطن بتطايره المجنون الذي عجزوا عن علاجه، بات في حالة استقرار ملحوظ منذ حوالي الشهر، وهو ما سبب صدمة نفسية عميقة لهم .. فظهر الهذيان محاولين مغالطة الواقع المشع كشمس الظهيرة !
لن نكابر كما كانوا يفعلون، فالتحديات ما زالت كبيرة سياسية واقتصادية وتنموية، والسلبيات المصاحبة للأداء الحكومي في بعض القطاعات واضحة ولا تحتاج الدليل، لكن الشارع ليس ساذجا تتلاعب به المتاجرات في الضوائق أو بعض سلبيات الممارسة .. فقد شبع الوعي الجمعي من أكاذيب المخلوع ونظامه، وشبع من مضاربات الدولار التي كان يقودها النظام الحاكم بجنون وأكدتها تصريحات (قوش) حين أقر بلجوء جهازه الأمني لشراء الدولار ما تسبب في إلحاق الأذى الفادح بالجنيه السوداني والاقتصاد الوطني ككل.
إنهم يلاحظون الآن التحسن المتدرج في السلع الرئيسة كالخبز والغاز والوقود، ويرون الاستقرار في خدمات الماء والكهرباء باستثناءات قليلة لا تذكر ، ويعرفون أن أعتى اقتصادات العالم اختنقت بفعل تداعيات كرونا في حين تتحسن المداخيل وتنجح المواسم الزراعية وتستمر الحياة في السودان .. كما يعلمون الآن بأن المزيد من الانفراجات يلوح في الأفق بفعل عودة السودان المتوقعة إلى المجتمع الدولي بلا عقوبات ..
هم يلاحظون كل ذلك .. ولا يملكون سوى بلع ريقهم.
ابلعوه.. خاب مسعاكم !