في لقاء خاص مع المذيع راشد نبأ على قناة سودانية ٢٤ فتح النائب الأول لرئيس مجلس السيادة حميدتي ملفات متعددة ، وأدلى بتصريحات خطيرة وساخنة في قضايا مختلفة، والشاهد ان هذا اللقاء يجيء بعد ثلاثة أشهر من لقاء سابق لحميدتي على ذات القناة جرى في فبراير ٢٠٢٠ ، مما يثير التساؤلات حول ما الجديد وما التغيير الذي حدث في أرض الواقع وفي قراءة حميدتي خلال فترة الشهور الثلاثة التي مرت بين اللقاءين .
اول الملاحظات ان النقطة الجوهرية في حوار فبراير ٢٠٢٠ وحوار مايو ٢٠٢٠ لم تتغير ، مازال حميدتي يشكو من تهميش يحدث للمجلس السيادي ويصف دورهم بالتشريفي ، وهذا القول مفاجيء للشارع الذي يعتقد قطاع واسع منه ان الحكومة تحت قبضة عسكريي المجلس السيادي وانهم يفعلون ما يشاءون .
النقطة الثانية التي لم تتغير بين فبراير ومايو هي شكوى حميدتي من استهداف يتعرض له الدعم السريع من المؤتمر الوطني ومن بعض القوى داخل الحرية والتغيير ( لم يسميها ولكنه أكد انه يقصد جهات وليس كل قوى الحرية والتغيير ) ولا اظن ان هذه الجهات خفية ، فالذين رفضوا الوثيقة الدستورية ورفضوا التوقيع مع المجلس العسكري باعتباره اللجنة الأمنية لحكم البشير لم يحدث تحول واضح في مواقفهم، وغير مستبعد ان يكونوا هم المقصودين .
النقطتين أعلاه هي محور اللقاء ، فالرجل يعتقد انهم انحازوا للثورة ودفعوا من أجلها ثمنا وكان جزاءهم من البعض جزاء سنمار ، وضعوهم في مجلس تشريفي بلا أعمال تنفيذية حقيقية ، وبعد ذلك يتم استهدافهم من بعض شركاء الحكم ، وهي رسائل للجماهير بالغةالحساسية ، اذا قرئت مع تصريحه الصريح بفشل الحكومة في كبح جماح التضخم وتدهور الحالة الاقتصادية بصورة مؤلمة ، مقارنة بما كان في عهد المجلس العسكري ، مع مراعاة أن الرجل اعترف بأن الانفراد بالحكم في عهد المجلس العسكري كان خطأ وان البعض زين لهم هذا الانفراد .
ما يستخلص من اللقاء ان تعدد مراكز القوى في الحكومة الانتقالية ، هو أحد أسباب الفشل ، نتيجة الترهل في التمثيل ، ونتيجة الصراع الداخلي واستهداف البعض للبعض، ونتيجة ضعف الأعباء التنفيذية الموكلة للمجلس السيادي. هذه النقاط بعضها تم جسمه بواسطة الوثيقة الدستورية مثال مهام واختصاصات المجلس السيادي ومجلس الوزراء ، وبعضها يمكن حسمه من خلال التنظيم الداخلي وخاصة على مستوى هيكلة الحرية والتغيير وإغلاق باب الترهل والاختطاف الحزبي لمؤسسات قحت كما حدث في انتخابات تجمع المهنيين والسيطرة عليه بواسطة حزب واحد .
ركز اللقاء على المشاكل كعادة كل اللقاءات التليفزيونية التي تبحث عن الإثارة ، حتى لتكاد تظن في بعض منعطفات الحوار ان المذيع يتبع لقناة الجزيرة ويبحث عن نقاط تهم التنظيم الإسلامي العالمي وتخدم مصالحه ، وهذا بالضبط ما أكده شريط قناة الجزيرة الذي ظل يعرض بلستمرار أجزاء بعينها من حديث حميدتي في شريط الأخبار أسفل القناة . ولكن الفرصة مواتية للاستفادة من هذا اللقاء واللقاء السابق قبل ثلاثة شهور في صناعة الحلول ومعالجة استمرار بعض مشاكل التنسيق والصراع التي تخطاها الزمن وأصبحت من الماضي بعد توقيع الوثيقة الدستورية وتشكيل الحكومة الانتقالية .
يوسف السندي
sondy25@gmail.com