الأحزاب والكيانات السياسية والجبهات العسكرية والنخب السياسية السودانية يجب ان ترتقي بنفسها الى مستوى الوعي والخبرات التي تراكمت في ذهن المواطن السوداني وخاصة الشباب فتيانا وكنداكات الذين لهم الدور الكبير والفاعل والقدح المعلا في تفجير وإنجاح ثورة 19 ديسمبر المجيدة 2019 منذ فجر التاريخ السياسي في السودان بالنسبة لكبار السن وللشباب الذين رضعوا من ثدي الثلاثين عاما التي قضتها حكومة الانقاذ وعاشوا خلالها تعاملا وحياة عانوا من تبعاتها الويل والنصب والتأخر المستقبلي والمصيري ووضعا مأسويا جعل الكثير الكثير منهم بلا عمل ولا مستقبل حياة والشاهد ترجمة ذلك في التضحيات الجسام التي بذلوها من موت وجراح وفقد ارواح وهوية وقد شاهد الجميع ذلك من خلال الاحتجاجات والمظاهرات حيث كانوا خلالها لا يخافون ولا يرهبون من احد مهما كان وواجهوا السلاح بكل مكوناته دون وجل ولا رهبة ولعل الموقعة الجبانة في فض اعتصامهم اقوى شاهد على قوة شكيمتهم وما يحملونه من اهداف ومستقبل لن يتنازلوا ابدا من تحقيقه ولن ينساقوا إطلاقا كالخراف لاي أحد وهذا مؤشر وتنبيه مهم وخطير يجب ان يضعه كل من يقدم على ادارة وطنهم وله اجندات سياسية يسعى لتحقيقها…
ولهذا فمن الواضح ان المزايدات السياسية والخدع والمؤمرات والإشاعات والأجندات التي تخفي وراءها مرامي واهدافاً ضارة رضعها هذا الشعب وشبابه من تجاربه وخبراته المتراكمة لن تجد لها طريقا سالكاً للوصول إلى مفاهيمه وقبوله وسوف يرفضها ويناهضها ولن يرضى بما يرجعه إلى الخلف ليعود لماضِ لم يكن في صالحه…
وما هو واضح الآن في الساحة السياسية السودانية ان الشعب وخاصة الشباب حزم امره ان تجارب الحكم السابقة لم تحقق له مبتقاه في متسع من وطن يزخر بموارد نافعة متعددة وأيدٍ عاملة كثيرة وكوادر وخبرات لم تجد من يترجم خبراتها تلك في تفجير منافع تؤدي الى التطوير ..وهذه الخبرات السودانية اثبتت نجاحها عالميا سواء في مؤسسات وشركات في دول متقدمة او منظمات دولية ولعل الخبير والكادر العالمي الدكتور حمدوك اظهر مثال على ذلك إذ لم يجد حتى من الذين رشحوه وهم القائمون على النظام البائد ليقدم خبراته لوطنه التأييد والمساندة لانه يعمل من خلال حكومة او وضع لا يرضونه وعيبوه بقولهم(حمدوك طلع مسورة) …فهل ترضى وتقبل منظمة عالمية يتسابق الخبراء العالميون إلى تقديم خبراتهم من خلالها ان تعيّن (موظفاً ماسورة) كما يدعون ام هي مزايدة سياسية وخدعة بلهاء منهم لشعب لم يعرفوا قدره ولا يعترفون بوعيه..
لم يعد هذا الشعب يقبل بخطب رنانة بلا فائدة ولا أحزاب بلا خطط وتسير على نهجها القديم الذي لم يثمر بنجاح أكسبها رضى ولا وعود بلا استجابة ولا سياسة ولا خطط لا تأتي بمصالح يلمسها وتؤثر في حياته إلى الأحسن ولعل خطوة وزير المالية بالزيادة غير المسبوقة لأجور العاملين ومرتبات الموظفين التي لاقت استحساناً واسعاً منهم وحلت بعض مشاكلهم تسير في الطريق الصحيح لو وجدت المساندة والاستمرارية من القائمين على الدولة واستصحبتها جدية في العمل والإنتاج من العاملين والموظفين لا شك في أنها ستساعد جدا في تخفيف معدلات التضخم وتحريك الاقتصاد إلى الأحسن وهي من القرارات الشجاعة التي تسندها تجارب دولية حققت مبتغاها بقوة الإرادة السياسية والاندياح والانسجام الكامل معها لتحقق النجاح إذا لم لم تواجه بعراقيل ونقد غير بناء وهادف من المعارضين من النظام البائد الذين لا يريدون تقدما ونجاحا للوطن وللآخرين..
ومربط الفرس ان التوجه العام للمواطنين والشارع العام هو المسيطر على سير الأحداث ولن يسمح بما يعرقل مسار الثورة بإيمانهم بانه الطريق الاسلم نحو وطن متقدم يسع الجميع…