هندسة الفوضى
إرتد النيل جنوباً واغلق مصراعيه ..على الخرطوم، اغمض جفنه على الطوابي والروابي ..واحتشم الحراز ،وماعادت الضفاف تقشر لوز الحديث والسمر،
تسلل الفيروس المجهري .. خلسة الى مخاضع الانتشار المجتمعي، في عاصمة ارض السمر ، بعد ان عبث بعاصمة الضباب ،وأدمى مقلة (الأسد )!؟
وشب طوفان الموت (الرخيص )،وتطاول عدد المصابين حول العالم ..فوق الثلاثة ملايين مصاب..ارقام
شككت فيها دراسة ألمانية حديثة ،مؤكدة ان ما يعلن من ارقام ،لا يزيد عن ٦٪ فقط ،من إعداد المصابين حول العالم،وقدرت الدراسة، حجم الإصابات الفعلية بحوالي (٣٠) مليون مصاب ،العالم ..تحت رماد نار مستعرة يظهر على السطح لهيبها فقط!؟،تسارع دون الوصول الى(تسطيح) الأرقام ، بدأ في ٣١ديسمبر ٢٠١٩،حصد مليون اصابة في٩٤ يوماً ..خلال ال ١٣ يوم الماضية فقط ،تم تسجيل مليون إصابة جديدة حول العالم!؟
حرب الأرقام هذه..تَجعلنا نثني على قرار الحكومة ، بإغلاق الخرطوم،
ومنع السفر والسلام بالنظر ، وحبس البشر !؟ ويتسآءل الصغار .. حبسوني ليه!؟ويدخل السودان في مرحلة ..خليك في البيت ،وكيف لنا ان نتأقلم،وناتي بفلسفة جديدة تدعم التواصل الأسري ،وكيفية الإستفادة من الوقت..لم تسقط الخرطوم مرة أخرى ،ولكنها تتهيأ للنهوض الكبير !؟
هذا المساء الحزين ..امامي تيرمومتر الوباء ،يدخل على بسرعة الى خانة الثلاثة ملايين ، والعالم محبوس ،بين قوسي (الموت ..والمرض) !؟ لا علاج .. والرجاءرحمة الله ولطفه وتدبيره في خلقه ، وخليك في البيت!!
قصة مؤثرة تناقلتها الوسائط ،بثتها قناة Tv5 الفرنسية، طبيب فرنسي يقول : اليوم احسست وكأني احترق من الداخل، بعد ان توسل لي مريض وهو يحتضر ان تكون آخر أيامه ..رؤية ابناءه!؟ استجبت له بعد بكاء وإلحاح ..وبدأنا في تجهيز المكان حتى يتسنى للأبناء الدخول في أمان ..وبعد اتصالي بهم ..رفضوا ان يودعوا أباهم !؟خوفاً من العدوى ..اغلقوا الهاتف في وجهي !!(انتهى)
تجاوز الأعداد ثلاثة حواجز عشرية ، في الخرطوم ،وظهور حالة في ولاية نهر النيل ..ينذر بالخطر الحادق..وبداية الانتشار المجتمعي،الذي يحتاج الى قرارات صارمة وحازمة، مع زيادة جرعات التوعية ،والانتقال الى مرحلة الحجر المنزلي الكامل.
ونذكر هنا بحديث المستشار الاقتصادي السابق للرئيس باراك اوباما ، استاذ الاقتصاد في جامعة شيكاغو.. أوستن
كولسبي ،صاحب علم (اقتصاد الأوبئة )..الذي تعمل كثير من الدول من خلال توجيهاته، باعتباره المرجعية العملية في علم الأوبئة ،يرى أن القاعدة الأولى ، في هذا العلم ..القضاء على (الوباء) اولاً ..قبل كل شيء ..وان ايِّ مسكنات وتحفيزات للقطاعات ،لن تكون ذات جدوى ،لأن الناس (خائفون) من الخروج للإستهلاك!؟..حيث أصبح العزل الاجتماعي العلاج الأوحد ،هذا الكتاب ارتكزت عليه، كثير من الدول ،كما أسلفنا في معالجة وإدارة تداعيات الجائحة ..فكانت الإجراءات الصارمة في دول الخليج ،والصين والعديد من دول العالم ..
وهذا ما اتخذته الحكومة ،ومؤسسات المجتمع المدني ، والأحزاب السياسية ،ورجال الاعمال والمغتربين والبنوك ، ويتبع ذلك حزم مساندات تمويلية واجرائية،ودعم الأسر الفقيرة ، وزيادة المرتبات وتدشين مشرع (سلعتي )، بالإضافة للمشاريع التطوعية في شهر رمضان المبارك ،وزيادة المرتبات والتحويلات النقدية المباشرة ،لمن فقد عمله، وتأثر تاثراً مباشراً، وعلينا كمجتمع ان نفعل قيم التكافل الاجتماعي ، ونتحسس المتعففين ،وذوي الدخل المحدود،وهذا ليس بغريب عن الشعب السوداني الكريم.
ختاماً..خلص الباحثون إلى ان المدن ،التى طبقت (العزل الاجتماعي)، في جائحة ١٩١٨،شهدت إعداد اقل من المصابين والموتى،
مع ارتفاع ملحوظ في المؤشرات الاقتصادية،بينما كانت النتائج سلبية للدول التي لم تطبق (العزل الاجتماعي)، من ناحية عدد الموتى والنمو الاقتصادي ، واليوم تتخبط بريطانيا وامريكيا بكل عنفوانها،بعد ان فرطت في الإجراءات ..وأخلت بالموازنة بين النمو الإقتصادي..والأمن الصحي،وضيعت اللبن ، نأمل الا نبكي على (لبن )مسكوب!؟
حفظ الله الجيش الأبيض.