بحلول الثالث من يونيو 2020م، تحلّ علينا الذكرى الأولى لمجزرة القيادة العامة للقوات المسلحة بالخرطوم، التي حدثت في 29 من رمضان، الموافق 3 يونيو 2019م، فكانت أكبر جريمة بشعة ونكراء يشهدها تاريخ السودان الحديث.
وعندما نكتب عن هذه الذكرى الأليمة، نريد أن نترحم على أرواح شهدائنا الأبرار، وأن نذكرهم بكل فخر واعتزاز. وأن نثمن عالياً التضحيات الكبرى، والدماء الطاهرة التي قدموها مهراً غالياً لنصرة ثورتنا المجيدة.
ونريد أن نؤكد للتاريخ أن هذه الذكرى تمثل أكبر وصمة خزي وعار تلحق بالقوات المسلحة السودانية التي عجزت عن حماية أبناء شعبها وهم في عقر دارها، بل هم من أتوا إليها مستنجدين بها من أجل حمايتهم، ولكنها وللأسف الشديد غدرت بهم، وتركتهم يواجهون أشد صنوف القتل والسحل والتنكيل أمام أعينها، وفي بواباتها الرئيسة.
ما حدث في ذلك اليوم لن ينسى أبداً، وسيظل جرحاً أليماً
عالقاً في ذاكرة التاريخ السودانية، لأنه أكبر من
مذبحة، وأشد من مجزرة. وإن الفظائع والجرائم التي ارتكبت في ذلك اليوم تتجاوز كل
مبادئ القوانين، وحقوق الإنسان وكرامته، عندما قام هؤلاء القتلة بحرق الناس وهم
نائمون، وإلقاء جثثهم في نهر النيل.
حقاً كانت جريمة فظيعة ومروعة؛ ولذلك عندما نحيي هذه الذكرى نطالب بسرعة تنفذ العدالة في حق جميع من ساهم وخطط ونفذ هذه المجزرة. وندعو لجنة التحقيق برئاسة الأستاذ نبيل أديب أن تقوم بدورها دون مهادنة أو مجاملة أو تحريف للحقائق لمصلحة أي شخص مهما كبر شأنه، وأن تتجاوز السلحفائية التي تعمل بها حالياً، خاصة في ظل وجود العديد من الشهود الذين وقفوا على وقائع المجزرة، وشاهدوا أعمال القتل، ووثقوا هذه الجرائم البشعة بهواتفهم الذكية، حتى تعرف معظم أبناء الشعب السوداني عبر مقاطع الفيديو المنتشرة على وجوه المجرمين، وهم يقومون بالقتل، ويوجهون أشد أنواع الإهانات والشتائم للضحايا.
كما نطالب هذه اللجنة باستجواب جميع المسؤولين الذين أطلقوا العديد
من التصريحات والأقوال حول هذه المجزرة، حتى يتم تحقيق العدالة كاملة لشهدائنا
الأبرار، وأسرهم المكلومة، وتطبيق القصاص على هؤلاء القتلة المجرمين.
ونحن إذ نحيي هذه الذكرى، نؤكد دعمنا للمقترح الذي قدمه تجمع
المهنيين السودانيين بإعلان يوم 3 يونيو المقبل يوماً للحِداد الوطني وتنكيس
الأعلام بجميع المَقَرّات الرسمية وغير الرسمية داخل السودان ومُمثلياتنا في جميع
أنحاء العالم.
ونتمنى أن تكون هذه الذكرى راسخة في جميع أذهان السودانيين وفاءً وتقديراً لشهدائنا. وأن يتم إحياء هذه الذكرى في جميع أجهزة الإعلام السودانية، وفي مختلف المناسبات الوطنية تخليداً لذكرى هؤلاء الأبطال الأوفياء الذين ساهموا بدمائهم الطاهرة في إنجاح ثورة ديسمبر المجيدة لبناء سودان المستقبل الذي تسوده (الحرية والسلام والعدالة).
صحفي سوداني مقيم بالسعودية