ذاك الجيل الشرس، الجيل الجرئ ، المارد الذي رفض ان يُصبغ بلون الإنقاذ، رغم انه نشأ وترعرع في عهدها.. جيل رفض الإنقاذ بكل مكوناتها و مفاهيمها وسلوكياتها الفاسده وشعاراتها الزائفة ومتاجرتها باسم الدين. رفض الذل والهوان وتكميم الأفواه ومصادرة الحريات . هذا هو جيل الكيبورد الجيل الذي ارعب المخلوع. وكان يستهزئ بهم عندما ضيقوا عليه الخناق. واذكر في جولاته الأخيره للشرق والجزيرة كان يقول عنهم (شذاذ الآفاق الوتسبيه والفيسبوكيه) وهو يرتعد منهم خوفا . فكان يرغي ويزبد و يهدد ويوعد.
لكنهم لا يأبهون ولا يعبهون بما يقول بل ظلوا يتواصلون وينظمون صفوفهم في احترافيه عاليه ويوزعون المهام بينهم في جميع انحاء السودان وكونوا شبكات من التواصل في السودان و السودان الموازي الداعم جدا. وعندما بلغ السيل الزبى. وضاقت الأرض بما رحبت، انتفض الجيل الراقي الجيل الراكب راس جيل البطولات والتضحيات معا .
فجر ثورته السلميه ضد الفاشيه والدكتاتوريه ضد الشموليه.. ضد الفساد و التفرقه العنصريه، ضد الاضطهاد والجهل، والتخلف والفقر، ضد الظلم وحروب الإبادة، وكانت ثورة عارمه، ثوره مذهلة، سلميه ميه الميه ( no looting no shooting no violence no destruction ) من جانب الثوار فعلا ثورة وعي ورقي شهد عليها العالم بأسره، كان كلما يسقط شهيد، يزداد الثوار بذل وإصرار على تكملة المشوار فكانت الهتافات عاليه ثوار احرار ح نكمل المشوار . سالت دماء الشهداء انهارا ضرجت الأرض حمرة.. إلى أن سقط الطاغية سقوطا مدويا على يد شباب الكيبورد شباب عهد الإنقاذ انقلب السحر على الساحر (ولنا في رُسلنا قدوه حسنة وليست قصة سيدنا موسى وفرعون علينا بغريبه) ومن ثم جاء الثوار من كل فج عميق من العاصمة المثلثه بل من كل الولايات للمدينه الفاضله فاقاموا جمهوريتهم التي كانوا يحلمون بها. ثمان وخمسون يوما.. من أجمل أيام السودان . تجلت فيها سلميه الثوار وانشطتهم السياسيه والثقافيه والإجتماعية وكانت مهرجانات وكرنفالات عاشها القريب والبعيد.. ايام حلم فيها السودان بالغد المشرق.
بعدما عاهدهم المكون العسكري بالأمان وفتح لهم أبواب القيادة مشرعة وقاسمهم افراحهم بل وشاركهم وجباتهم ولياليهم الحالمه وسهراتهم الممتعة،. وبعد كل ذاك الألق والجمال الذي كان حديث السفارات والجاليات الأجنبيه، كنا نحن في قمة الزهو والسعادة بأننا قد ملكنا الدنيا بعد إزاحة الطاغية وانحياز الجيش للمواطن والوطن.. وكنا في غاية السرور والبهجة والفخر بجيشنا جيش الهنا.
الي ان جاءت الأيام الأخيرة من رمضان فكان الثوار يحضرون لأحلى عيد في زمن الحريه في جمهورية ميدان الاعتصام.. فاذا بالفكرة الشيطانية تحضر في الجانب الآخر. فاعوذ بالله من الغدر الذي يعتبر أعلى درجات الظلم..
فتنادت قبائل الشياطين كلها واجتمعت وخططت ونفذت (وحدس ما حدس كما قال ناطقهم)
كانت مأساة!، كانت فاجعة، كانت المحزرة الغير مبرره . كان الألم والجرح الذي لايندمل المأساة التي لا تنسى… كانت الإبادة و الاغتصاب للحرائر وللشباب معا كان العذاب في صبيحة ٢٩ رمضان أليس هذا من فعل الشيطان؟! تضرجت الساحة بدماء الشهداء وحرقت الخيام والثوار نيام وتلون النيل بالأحمر ليشهد علي فداحة الأمر. وقطعوا النت حتى لا يرى العالم البربرية والغجريه.
ارادوها رابعة لتكن رادعة.. ولكن هيهات هذا جيل التحدي احتسب شهدائه فوض امر مفقوديه لخالقهم. سأل الله الشفاء لجراحاه وضمد جراحه. وهب ثائرا مره اخرى في وجه العسكر (المجلس الانقلابي) في ٣٠ يونيو فكان طوفانا لم يشهد له العالم مثيل… هذا هو الجيل النبيل وامتلك زمام أمره واصبحت الكلمه كلمته فكان هو المفاوض الرقم، المفاوض الخطر، الذي ترك الجناة يخافون من ظلهم و يختصمون مرة وتارة يتلاومون الي ان تظهر الجريمه المخفية التي اكملت عامها الأول ولازالت في طور جمع الأدله التي تجعل اعزتها اذلة بإذن الله. وسوف تطاردهم اللعنة الي يوم القيامه.
نسأل الله الرحمة لشهداء السودان، والشفاء الجرحى ويجمع الله شمل المفقودين… ويصبر الأمهات الثكالى ويظهر الحق.
وعلى الذين تولوا شؤون البلاد بتضحيات الثوار أن يكونوا نزهاء وقدر المسؤوليه و يتقوا الله في حق السودان.
مسقط
سلطنة عمان
٢يونيو ٢٠٢٠