الطبيعي أن تصل أزمة اتحاد الكرة إلى ما وصلت إليه، وهو التجميد بقرار من الاتحاد الدولي للكرة (فيفا)، كان واضحا منذ تفجر الأزمة أن القرار الحاسم سوف يأتي من الخارج.
رغم سقف التوقعات المرفوع من قبل كثيرين عولوا على دور رئيس الوزارء بكري حسن صالح، الذي تولى أمر الملف، إذ قال في إفطار رمضاني: (إن أزمة الفيفا مقدور عليها، وأن على الصحافة عدم المتاجرة بالقضية، بحسبان أن طرفي الأزمة “من عندنا”).
لكن الأزمة ليست أزمة فيفا، بل هي أزمة كل السودان.. كما إنها ليست أزمة رياضة، بل شاملة.
ثقافة (الرجالة) التي تحكم العمل العام هي ما أوصلنا إلى ما نحن عليه، القائمون على مؤسسات الدولة لا ينبغي أن يصلوا هذه المرحلة من (الملاواة)، وكان على الجهات العليا- هنا- أن تحسم هذه الفوضى قبل أن يحسمها اتحاد دولي.. لكن- للأسف- هذه- بالضبط- العقلية التي حكمت على الاتحاد بالتجميد، وذات العقلية التي انسحب حكمها على قطاعات أهم.
قرار (الفيفا) يعيد إلى الذاكرة القرار الأممي بنشر قوات سلام في دارفور، لكن بعد خطاب شُهد له بالعنتريات فترة طويلة، الذي حدث أن دخلت القوات، وما خرجت.
السؤال الذي أحق أن يُطرح هو.. لماذا ننتصر بالحل الأجنبي، بل ونحتفي به؟، أعلم- تماماً- أن هناك قطاعا كبيرا عبَّر عن ارتياحه الشديد لقرار (فيفا)، بل كان يتمنى أن يحدث- بصراحة- ربما يرى هذا التيار باعتباره متضرراً أن الحل لن يأتي من الداخل، وأن الخارج سوف ينصره.
منذ ميلاد أزمة سودانية حازت على اهتمام إقليمي ودولي بدرجة ما، وفد عشرات المبعوثين، بمختلف مسمياتهم، وبمختلف تقسيمات الأزمة السودانية، وجميعهم يصل البلاد، ويغادر، ويأتي خليفته، والأزمة باقية، ليس لأنها مُعقدة على النحو الذي يصعب معه الحل، بل لأن العقلية الحاكمة لم تعدّ تقبل غير الوصاية، تكيفنا على أن يُملى علينا الحل، لكن بعد مسيرة طويلة من (الصراخ) تنتهي إلى قبول القرار الجاهز بصمت مطبق.
مؤسف أن تفشل المؤسسات في تدارك أزمة اتحاد الكرة حتى بعد إنذار (فيفا)، الذي منح مؤسسات الدولة فرصة أن تفرض هيبتها، وتُظهر أهليتها في إدارة أزمتها.. لكن الذي حدث أن فشلت جميعها في حسم الصراع، وأوصلته مرحلة التجميد، لا هذا ولا ذاك.
قرار (فيفا) يطرح أمامنا الأسئلة الصعبة.. هل نحن مؤهلون لإدارة بلادنا، دولة كاملة تفشل في حسم خلاف في اتحاد كرة، هل بلغ بنا العجز هذه المرحلة؟.