كثر الحديث عن فشل عدد من وزراء الحكومة الانتقالية، وأنهم اقل قامة من ثورة ديسمبر العظيمة ، وهذه حقيقة لا جدال فيها، بل حتى رئيس الوزراء ألمح إلى ذلك تلميحاً غير مباشر في لقائه الأخير، وقال: إنه في انتظار التوقيع على اتفاقيات السلام، وبعدها يتم التغيير في كابينة الحكومة.
بعض الوزراء وبعض مديري شركات حكومية مهمة اختفوا تماماً من الساحة خلال الفترة الأخيرة. لم نسمع لهم لا جعجعه ولم نر لهم طحيناً، ولنأخذ بعض الأمثلة:
(1) اين اختفى الوزير مدني عباس مدني؟ أين أنت؟ وعدتنا بقانون جديد للتعاونيات، وأنك تريد إحياء التعاونيات واستبشرنا خيراً لبهذه الخطوة التي نراها جيدة. أين أنت؟ وأين قانون التعاونيات؟ أزمة الخبز بدأت تطل برأسها مرة أخرى رغم توافر القمح، وبكميات تكفى حاجة البلاد على الأقل لمدة خمسة أشهر من إنتاجنا المحلي. ما سبب الأزمة التي بدأت في الظهور؟ وأين برنامج سلعتي؟ لم نر لك نشاطاً، منذ بداية جائحة كورونا.. لعل المانع خير!
(2) مدير شركة مواصلات العاصمة السيد محمد ضياء الدين! بمجرد استلامه المنصب أطلق تصريحات نارية، وأعتقدنا أن مشكلة المواصلات في العاصمة ستجد الحل بين يديه، ووعدنا بالكثير ، مثل: تحديد خطوط المواصلات، والالتزام بكتابة اسم الخطوط على الحافلات والبصات العاملة، وتحديد محطات مخصصة للوقود، وإصلاح البصات المتعطلة، وجلب المزيد و…… و…… و …. الخ البرامج المطروحة منكم لحل لغز المواصلات العامة.
اأين أنت؟ فلتعلم يا السيد ضياء الدين أن جائحة كورونا لم تعط فرصة لأي مسؤول قدر الفرصة التي منحتها لك أنت بالذات (حقوا أنت بالذات تشكر كورونا)؛ لأنها أوقفت المواصلات العامة حتى تعطيك الفرصة الكافية للخروج بحل عملي، وثق ان هذه الفرصة لن تتكرر مرة أخرى، وثق أيضاً أنك إذا لم تنجح في وضع الحلول العملية لحل ضائقة المواصلات خلال توقف حركة المواصلا، فإنك لن تنجح، وعليك التفكير بشكل جدي في التنحى ومغادرة المنصب .. أين أنت.. لعل المانع خير ؟؟
(3) هناك وزارة اسمها وزارة البنى التحتية والطرق والجسور. أصدقكم القول أننى لا أعرف حتى اسم الوزير، هل فيكم من سمع باسم هذا الوزير، أو تابع له نشاطاً يذكر؟ هل أنجز شيئاً؟ أين أنت؟ لعل المانع خير؟
(4) وزير الثروة الحيوانية! كل الذي نسمعه أن هناك بواخر تحمل ضأناً تمت إعادتها مرة أخرى من ميناء جدة، لعدم مطابقتها الاشتراطات المتفق عليها بين السعودية والسودان. ولم نسمع رأياً للسيد الوزير عن هذه الحالات المتكررة. ارتفعت اسعار العلف الحيواني، وبشكل جنوني، ومصانع الأعلاف يومياً ترفع في الأسعار ولم نسمع رأياً لوزير الثروة الحيوانية. هل أصلاً موجود؟ اين هو؟ وماذا يفعل؟ لعل المانع خير.
(5) وزير الزراعة! وآه ثم آه من وزير الزراعة. كل الحكومة وكل الشعب، بل كل العالم متفق على أنه لا مخرج للسودان من كبوته إلا بالزراعة، والوحيد غير المتفق مع هذا الطرح هو وزير الزراعة نفسه! في الموسم الشتوي الماضي تم تكوين غرفة طواريء زراعية برئاسة وكيل الوزارة… في الموسم الصيفي الحالي تم تكوين لجنة عليا للزراعة برئاسة رئيس مجلس الوزراء شخصياً، هذا دليل كاف على أنك أقل قامة من هذه الوزارة المهمة والحساسة جداً… أين أنت؟ لعل المانع خير.
هذه بعض النماذج ولا أريد الاسترسال أكثر، ويمكنك متابعة بقية الوزراء، وعمل كشف حساب لمنجزاتهم حتى نعلم أين تقف ثورتنا الآن.
وبعد كل هذا… كل الأقلام وكل الألسنة لا تهاجم إلا دكتور أكرم .. الوحيد الذي يعمل، وطالماً هو يعمل قطعاً ستجد الأخطاء في مجاله، ببساطة لأنه يعمل، أما البقية لا يخطؤون؛ لأنهم أصلاً لا يعملون.
دكتور حمدوك .. قلت في لقائك الأخير أنه أمامك حلان لا ثالث لهما .. الحل الأول أن تنجح، والحل الثاني أن تنجح اأضاً .. كلنا نتفق معك، ونقف معك، ونهتف معك أننا سنعبر، ولكن صدقني أن الفشل يمكن أن يأتيك من داخل الكابينة ،وليس من خارجها . يكفينا ما لاقيناه من انتظار اتفاقيات السلام في تكوين المجلس التشريعي وولاة الولايات.
تغيير بعض الوزراء أصبح ضرورة تقتضيها المرحلة. الوقت يمضي سريعاً، إما أن توقعوا اتفاقيات السلام باقصى سرعة ممكنة، وإمل لأن تباشروا إكمال الهياكل الانتقالية، وتجروا تغيبراً جوهرياً في مجلس الوزراء .
دعنا نعبر عبورًا حقيقياً يا حمدوك .