هل التاريخ يعيد نفسه وهل تمثال الحرية المغروس بأحد شواطيء مدينة نيويورك رمز أجوف دون معنى وهل مضابط دساتير العدالة لم تسكن الارض العام ١٩٠٤ م حمل الشاب طريء العود قوي العزيمة التربال ساتي ماجد القاضي محمد القاضي المولود في ١٨٨٣ م خرتايته دس بها بعض سرواله وقميصه وغادر حضن قريته الدافئة الوديعة دنقلا العجوز القدار بشمال السودان وكان يلف مصحفه وبعض ما خطه بالريشة والمحبرة ولوح خشبي عتيق بذات أغراضه وكأبناء جيله اللذين كانوا يتحلقون ببروش الخلاوي قبل ان تنتشر مدارس التعليم النظامية أكمل حفظ القران الكريم وجود تلاوته بصوته الجهوري العميق بخلاوي الشيخ ود وديدي والعام ١٨٩٣ التحق بالمعهد العلمي بقاهرة المعز .
كان ساتي ماجد نابه وله حس أنساني رفيع وشغف بالمعرفة والمثاقفة وتتبع أخبار العالم حوله فما ان قرأ ببعض قصاصات الصحف وما يتداوله بحارة السفن الراسية والمراكب المشرعة في تلك الازمنة ان قسيسا ايطاليا بأمريكا الشمالية أساء للدين المحمدي قرر ركوب الصعاب ليقارعه وليصحح معلوماته ويجلي الرواسب العالقة بهذا الثوب الطاهر النقي فسافر لانجلترا تعلما للغة الانجليزية ليغادرها لدولة النور والعلم الدنيا الجديدة الولايات المتحدة الامريكية وتحديدا لمدينة الحرية والمعرفة نيويورك فنافح بقلمه وكتب بصحفها وعاش بواشنطن وبوسطن ومتشجان وديترويت وكليفلاند التف حوله مريدون وعلي اياديه دخل كثير منهم للاسلام وبحور سماحته وبعضهم اكتفوا بالاستنارة ونقحوا معلوماتهم المبتورة والمشوشة التي تزعم انه دين يبيح أكل لحوم البشر واسعباد المرأة كرقيق يجوز بيعها وشراؤها و مزاعم وخرعبلات هنا وهناك عمل الشيخ ماجد لتجليتها وتطبيق تفاصيلها تطابقا وتفاصيل حياته منذ أن غادر قريته القدار وتقول سيرته أنه شارك بندوة بنيويورك تزاحم لها جمهور كبير خاطبها زعماء الاديان فتحدث القس الايطالي الذي كال الذم للشرق والطعن في تعاليم الاسلام ونسب له كل البلاء فجاء دور ساتي ماجد الملقب بشيخ الاسلام فافحمه والغمه بمنطق القول الرصين والحجة الدامغة في مناظرة مباشرة ضجت لها القاعة تصفيقا واستحسانا وتزاحم الناس حول ساتي فباغته أحدهم بطعنة سكين فسقط وسألت دماؤه وخرجت أطراف رئته من بين أضلعه رغم بنيته القوية حال الترابلة والقابضين علي الطورية واللوح والقلم وحدث الهرج فتدخلت الشرطة والمسعفين تولوا أسعافه فقال قولته الفاصلة ” إن وجدتم الجاني فإني عفوت عنه ” فكانت مفتاحا واضاءة للعتمة فأسلم الكثيرون وها هي ذات هذه النيويورك وما جاورها من مدن يحج الكثيرون لذلك التمثال الذي يتوهج بتاجا مقعرا علي رأسه رمزا للحرية والموجود ة ايضا بمضابط الدساتير والانظمة ولكن لم تستطع ان تطهر نوايا البشر وما يختزنوه بدواخلهم من عنصرية بغيضة فها هو ” جورج فلويد ” وبعد سنوات عددية تقتاله العنصرية والتفرقة باللون والسحنة كما كانت تلك الايادي تريد اغتيال شيخ الاسلام في أزمنة بعيدة>
وتنتفض تلك البقاع الساكن بين حناياها الاحساس بالظلم الذي لم تطهره القوانين والانظمة فا هو ” فلويد ” يصرخ لا استطيع التنفس ويضغط الشرطي الابيض بركبتة وبكعب حذاءه علي عنقه لم تسيل دماءا لكنه كان الموت البطيء مشهد يهز كيان الحجر الأصم ويحرك مكامن الوجع علي الانسان حينما يكون هناك قوي بلونه او بامواله او بابراج خرسانية عالية ويمكنون جنس علي الاخر وفئة علي الاخرى فتسلب الأمهات النوم والصغار الطمانينة ، لقد قدمت مجتمعات السود الأمريكان محاضرةً بليغة لشعوب العالم وهي تشاهد تأبين واحد من أبنائها بطريقتها الملوكية بالحديث البليغ وبالزمجرة وتنفيس الهواء الساخن الكامن بالصدور>
يوم التأبين تعرض ألفريد الشارتون الناشط السياسي ومرشح الرئاسة الأمريكية الاسبق لصيحات فلويد وهو يستنجد بأمه من سطوة ركبة الرجل الأبيض الخانقة القاتلة ، كمصدر للإلهام وتأطير لثورة المظلومين في ربوع الدنيا قالتها مراهقة صغيرة (لاسلام بلاعدالة)، وان قالها ساتي ماجد قبل سنين عددا ” ان قبضتم علي المجرم فاني أعفو عنه ” انه كان يعني تماما إن وجدت العدالة وغرست كالفنار في الارض قسيكون الامن والسلام أنهم كمجتع آفرو أمريكي لن يتعاملوا بالسلم إذا لم تتحقق العدالة، لقد تفاعلً المظلومين واقيمت احتفائية لتأبين ودفن الميت مخنوقا تحت حذاء الشرطي الذي استشعر القوة كان تأبين حزين وباكي ختم بالموسيقى الأفريقية الحزينة لحفل الوداع الأخير للشهيد فلويد في معزوفة غاية في التأثير على الوجدان الإنساني المبرأ من ملوثات اغراض الدنيا كخلاصة للإرث الحضاري الذي جاء به الأمريكان السود إلى الدنيا الجديدة (أمريكا الشمالية) ذاتها التي غادر لها الصبي التربال حافظ القران ساتي ماجد القاضي العام ١٩٠٤ م من قريته الوديعة القدار في وقت لم يكن فيه وسائل تواصل واتصال واجهزة تنقل الحدث اسرع من سرعة الضوء لم يكن العالم قرية صغيرة ولا ابوابها ونوافذها مشرعة كما يومنا هذا الذي نقل صورة القاتل والمقتول تحت حذاء اليانكي المدجج بالسلاح والذي لم يطلقه علي فريسته بل خنق أنفاسه وسل روحه ولكن الكلمات المخنوقة امي امي لا استطيع ان اتتفس سجلتها الكاميرات ونقلتها باسرع من لمح البصر الي اركان الدنيا فحركت الانفاس المكتومة الرافضة للجبروت والتكبر والتي تفوق وتتفوق علي الانظمة والقوانين والدساتير ان العدل مطلب والمساواة ضرورية وملزمة لن تعوض عنها المباني الخرسانية والابراج الزجاجية ولا تماثيل الحرية الصماء وإن كانت رمزا .
وان العام ٢٠٢٠ هو عام الكورونا التي اقعدت الناس بمنازلهم فكسره موت جورج فلويد وفكفك القيود وسيغير ايضا من أنطمة ودساتير وستسكن شيء من العدالة في صدور الظلمة والظالمين وسيخرج كثير من الهواء الساخن من القلوب الملتهبة فهل يغادر الظلم الارض نهائي .
اعلامية وناشطة اجتماعية مقيمة بقطر
Awatifderar1@gmail.com