في الأصل تكون النقابات أجساما مطلبية ، ويتوقع أن تكون مطلبية بحتة . لكن هل الواقع كذلك ؟ المهنيين أنفسهم كأفراد ليس مطلوبا منهم أن الحياد السياسي في مواقفهم الشخصية ، فهم أيضا يتبنون أيديولوجيات ، وأفكار مختلفة ومتقاطعة يمينا ويسارا . ولو لم يكونوا من المنتمين إلى الأحزاب السياسية فلن يتقدموا ليصبحوا قيادات مهنية ونقابية . وبالطبع فإن الأحزاب السياسية هي الأنشط بين منظمات المجتمع المدني، وهي التي يتوفر لها السند الشعبي على طول الوطن وعرضه.وبالتالي فهي الأكثر تأثيرا في تكوين النقابات ، وللأسف في توجيهها ، وفي تحريك مساحة التصادم التي تتعامل من خلالها مع حلفائها ومنافسيها .
وعليه يمكن أن نصل إلى نتيجة قد يراها البعض متعجلة ، لكنها ليست كذلك ، وهي أن النقابات ليست منفصلة عن الإيديولوجيا ، ولا عن السياسة ، ولا عن الصراعات والتحالفات الحزبية . وهو أمر مؤسف ، لكن لا يمكن إلغاؤه مهما بلغنا من درجات المثالية . ويمكننا القول أن النقابات ما هي إلا الأحزاب السياسية في ميدان افترضنا فيه المثالية المهنية ، وهي ليست موجودة على كل حال .