المؤتمر الصحفي الذي عقدته مجموعة الأصم نهار أمس الأول صبّ مزيد من الزيت في نار خلافات تجمع المهنيين. وفي رأيي الشخصي ان قرار عقد المؤتمر الصحفي لم يكن موفقاَ في ظل التعقيدات التي تواجه التجمع. والأغرب أن وكالة سونا والتلفزيون القومي سارعا بنقل المؤتمر، وعلى الهواء مباشرة، كأنهما يؤكدان وقوفهما إلى فصيل من الفصائل المتناحرة، وهما بذلك يزيدون هوة الخلاف .
واستعجبت جداَ لظهور دكتور الأصم في هذا المؤتمر متحدثاً باسم التجمع، وهو الذي أعلن قبل فترة ليست بالقصيرة استقالته من اللجنة المركزية، وأعلن تفرغه للتحصيل الأكاديمي .هل تراجع عن استقالته؟
فلنعترف جميعاً أن تجمع المهنيين هو الرمح الملتهب لهذه الثورة، وأن لهم قصب السبق في قيادة وتوجيه المواكب والمظاهرات التي اسقطت حكم الإنقاذ. وفي الوقت نفسه، علينا أن نعترف أيضاً أن التجمع حالياً قد تم ضربه تماماً، وهو طريح الفراش في غرفة العناية المركزة .
الاتهامات المتبادلة بين الجميع لا تجدى فتيلا ولا تزيد الأزمة إلا تعقيداً. الحروب الطاحنة التي تدور رحاها في وسائل التواصل، والتراشق الاعلامي يجب أن يتوقف فوراً إذا فعلاً كنتم تريدون مصلحة الثورة ومصلحة الوطن.
ولنسأل أنفسنا، وبكل تجرد ونكران ذات: أين العلة؟ هل هناك فعلاً حزب معين وهو الحزب الشيوعي قد خطف التجمع كما تدعي بعض الأطراف؟ أم أن الأمر لا يعدو كونه تهويلاً، وإعطاء الامر أكثر من حقه، وان هناك قوى مضادة تزيد من إشعال نار الفتنة.
كان التجمع قد دخل في بيات شتوي، واستقال من استقال من أعضاء لجنته المركزية، وانشغل منهم من انشغل بالمناصب. وفجأة سمعنا بتكوين مركزية جديدة عبر انتخابات حرة كما أعلنت لنا اللجنة، وفجأة اندلعت النيران، وبدأ الجميع بالصراخ أن التجمع قد تم اختطافه من قبل الحزب الشيوعي .
كنت أتمنى من الأصم، ومن معه أن يشرحوا لنا كيف تمت الانتخابات، وكيف تم الاختطاف بدل الحديث عن مآلات ما بعد تكوين اللجنة .
وأيضاً أعضاء اللجنة الجديدة سارعت بالاجتماع مع الإمام الصادق، كأنهم يبحثون عن صك الشرعية من الامام ناسين او متناسين ان شرعيتهم من القواعد، وليس من الامام او غيره من قادة السياسة .
أخطأت اللجنة أيضاً بمسارعتها، وإعلانها عن موقفها في قضية علاقة الدين بالدولة. هذه القضية التي شغلت السودان لعشرات السنين، لا يمكن حلها هكذا في بيان فطير لا يسمن ولا يغني من جوع .
فلنعترف أيضاً أن الجميع ارتكبوا أخطاء ولا داع هنا (لركوب الرأس) إذا كنا فعلاً نسعى إلى الحفاظ على الثورة ومكتسباتها. كلكم تعلمون أن هناك نقابات كثيرة لم تجر جمعياتها العمومية، وهناك انقسامات في جمعيات بعض المهن، وهناك قانون النقابات، وهناك أوضاع كثيرة تحتاج إلى مراجعة قبل الوصول إلى قمة الهرم في اللجنة المركزية .
وبالمنطق والعقل لا يمكن بناء قمة الهرم دون إصلاح الأساس.. أنتم الآن تتصارعون في قمة الهرم، من دون وجود اساس متين، فكيف يستقيم ذلك ؟
مقترح بسيط من العبد لله البسيط إكم في اللجنة المركزية الجديدة، ومن تبقى من القديمة، وهو تشكيل لجنة واحدة، يكون هدفها إجراء الجمعيات العمومية للنقابات التي لم تتكون بعد، وإصلاح أوضاع كل النقابات، مع تحديد موعد زمني قاطع لذلك. وبعد تصعيد المرشحين بصورة ديمقراطية صحيحة من كل فرعية نقابة يمكننا الحديث عن اللجنة المركزية. هذا هو المخرج في رأيي حتى لا تضعوا الحصان أمام العربة .
أما ممثلو التجمع الحاليون في بعض لجان الفترة الانتقالية أعتقد ان تركهم في مناصبهم لحين تنفيذ ما قلناه سابقاً هو الأفضل .
أتمنى الاستماع إلى صوت العقل من الجميع .. أرجوكم لا تفتتوا المفتت.
والله والوطن من وراء القصد