حكومة انتقالية مزدوجة هذه هي الحقيقة المؤسفة التي كادت ان تظهر بوضوح لعامة الشعب السوداني، اذ بدأت تتوالي مواقف تكشف ان الحكومة الانتقالية ماهي الا تيارين تيار مدني راغب في تحقيق الانتقال المدني وتأسيس دولة للعدل والعلم والسلام.. وتيار عسكري راغب في اﻹحتفاظ بعلاقته بالنظام المقتلع مع الحرص علي المراوغة وتجنب اﻹصطدام برغبات الشباب صناع الثورة ورفقاء الشهداء والا فكيف نفسر ان تطلب الحكومة وضع السودان تحت البند السادس بطلب من رئيس الوزراء.. فيجيز مجلس الامن ويوافق علي ارسال بعثة أممية تساعد السودان فنيا وإداريا في إنجاز الفترة الانتقالية ثم ليفجأ الشعب بإن مجلس الدفاع و الامن القومي يرحب بالبعثة الاممية مع بعض التحفظات ولكم ان تضعوا خطا تحت بعض التحفظات هنا يظهر بأن هناك تيار راغب في الاستعانة بالامم المتحدة وتيار آخر لايرغب بل ويعترض ولكنه لايصرح بذلك علنا وانما يختبئ وراء تلك التحفظات…
وإذا كان هناك تيار داخل الحكومة يهتم ويصر علي تفكيك النظام السابق والتعجيل بتقديم المتهمين لمحاكمات عادلة بما في ذلك مرتكبي حادثة فض اعتصام القيادة فإن هناك تيارا آخر ينشط في الخفاء للمماطلة وإختلاق العقبات لتعطيل عمل اللجان بمافيها لجنة التحقيق في جريمة فض الاعتصام ولجنة التفكيك.
وتظهر إزدواجية الحكومة الانتقالية بوضوح اذ سربت بعض المواقع قرارا عسكريا بضم الدفاع الشعبي كوحدة ضمن القوات المسلحة وتسميته بإدارة الاحتياط… نعم هكذا تسرب الخبر بينما المعلوم للشعب ان الحكومة الانتقالية وفي اولي قرارتها قد اصدرت قرارا بحل الدفاع الشعبي وتسريح منتسبيه..إذن هناك تيار يعمل علي التفكيك وآخر يبدع في التحايل ويحرص علي ابقاء مؤسسات النظام السابق وربما هنا تبدأ اﻹزدواجية تظهر للعلن.
ربما كانت هناك لجان خفية تسابق الزمن لتفكيك تلاحم صفوف صناع الثورة بإضعاف تجمع المهنيين تارة واقتراح إحلال بديل حتي وان كان تحت مسمي العقد اﻹجتماعي ..
اذن هناك إزدواجية تفكيك النظام السابق وسباق لتفكيك الثورة والثوار… وتلك حقائق صادمة.
الحكومة اﻹنتقالية المزدوجة لابد انها تعرف ازدواجيتها والتجاذبات الخفية بين تياريها ولعل بعض المراقبين يرصدون حرص التيارين علي أن لايخسر خطوط تواصله مع الوضع السائدوكلاهما ينحني امام العاصفة الآن.
والسؤال لماذا تستمر اﻹزدواجية ؟ واﻹجابة ربما تستمر ﻷن كل تيار ينتظر وصول ما يدعمه ويمنحه القوة لفرض إرادته..قلت لربما كانت تلك حقيقة.