إذن الدفاع الشعبي ما زال يتنفس .. هذا ما قفز للأذهان عقب تدوير مسماه ليصبح (قوات إدارة الاحتياط).
هكذا ارتفعت قرون الاستشعار لدى الشارع المتحفز، فالدفاع الشعبي تجاوزه الانتباه بعد آخر ظهور له في مسرح الاهتمام قبل سبعة أشهر. حين صدر بيان منسوب إليه بأنه سيشعل الحرائق في كل أنحاء البلاد حال تسليم البشير لمحكمة الجنايات الدولية.
انفجرت ردود الفعل وقتها، ومعظمها كان شديد الشراسة ضد هذا التنظيم، لكن سرعان ما خمدت هذه الموجة تجاهه، إذ وضح أنه لا ينوي الدخول في مغامرة مسلحة تسحقه بشكل كامل، كما أن قرارات الحل والتسريح والتفكيك وغيرها قطعت ما يجمع قدامى محاربيه إلا من (أشواق) يتم التعبير عنها في تجمعاتهم الإسفيرية.
وفيما يبدو، فإن التنظيم قد تنفس الصعداء متوارياً، وهو يرى غفلة عامة عن أي ملاحقة جنائية لرموزه وأفراده نتيجة جرائم تم ارتكابها وفق مزاعم متداولة، سواء في جنوب السودان، ما أدى للانفصال، أو في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق.
غير أن الشعور العام بأن الدفاع الشعبي ما زال يتنفس عاد بقوة عقب وثيقة عسكرية رسمية تسربت للسوشيال ميديا بتغيير مسمى الدفاع الشعبي إلى قوات إدارة الاحتياط.
عادت الحساسية على مستوى الشارع الثائر، خصوصاً في ظل أجواء من عدم الثقة في شريك قحت، وفق الوثيقة الدستورية، رغم أن اللغة الرسمية المتداولة بين الشريكين تظهر على الدوام تفهما وتنسيقا ورضائية عن كل الخطوات المتخذة !
ولأن الوثيقة الدستورية تضع مسؤولية ما يتعلق بالشأن العسكري على عاتق الشق العسكري للشريكين، فبهذا يمكن تفسير المشاركة العسكرية في الحوارات والمفاوضات المتعلقة بشؤون السلام . كما يمكن تفسير استفراد العسكر بأي قرارات تتعلق بهيكلة الجيش والقوات الأمنية دون تدخل حكومي.
لكن، وعلى أي حال، جاء تصريح المستشار الإعلامي للقائد العام للقوات المسلحة ليحقق حالة تبريد للأجواء المتصاعدة السخونة، إذ أعلن في كلمات واضحة ومباشرة تأكيد القوات المسلحة أن حل الدفاع الشعبي ومنسقيات الخدمة الوطنية قرار لا رجعة فيه، وأنه تم تسريح كل منسوبي هذه الأجسام وتسلّم مقارهم وعهدهم المختلفة، وتم توظيفها في وحدات تخدم القوات المسلحة.
هذا التصريح ربما يسدل الستار، ولو مؤقتاً، عن الدفاع الشعبي وملفاته، لكن سيظل كثير من الأسئلة قابلة للتدوير في الأذهان، طالما أن هناك عمليات دمج متوقعة كمهر للسلام القادم مع الحركات المسلحة، وطالما أن حالة الثقة على مستوى الشارع تتأرجح دون استقرار.
والأيام حُبلى بالأحداث.